{ وقال الذين لا يعلمون } يعني الجهلة من المشركين . وقيل : من أهل الكتاب أيضاً . ونفى عنهم العلم لأنهم لم يعملوا به . فالآية الأولى فيها بيان قدحهم في التوحيد ، وهذه الآية فيها بيان قدحهم في النبوة . ولولا حرف تحضيض أي هلا يكلمنا وتقرير الشبهة أن الحكيم إذا أراد تحصيل شيء اختار أقرب الطرق المؤدية إلى المطلوب ، ثم إنه تعالى كلم الملائكة وكلم موسى وأنت تقول يا محمد إنه كلمك { فأوحى إلى عبده ما أوحى }
[ النجم : 10 ] فلم لا يكلمنا مشافهة ولا ينص على نبوتك حتى يتأكد الاعتقاد وتزول الشبهة ؟ فإن لم يفعل ذلك فلم لا تأتي بآية ومعجزة ؟ وهذا طعن منهم في كون القرآن آية ومعجزة فأجابهم الله تعالى بقوله { كذلك قال الذين من قبلهم } من مكذبي الرسل { تشابهت قلوبهم } أي قلوب هؤلاء ومن قبلهم في العمى كقوله { أتواصوا به }
[ الذاريات : 53 ] فكما أن قوم موسى كانوا أبداً في التعنت واقتراح الأباطيل { لن نصبر على طعام واحد } [ البقرة : 61 ] { أرنا الله جهرة }
[ النساء : 153 ] { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة } [ الأعراف : 138 ] فكذلك هؤلاء المشركون { قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } [ الإسراء : 90 ] { لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا }
[ الفرقان : 21 ] وكذلك المعاصرون من اليهود والنصارى { يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء } [ النساء : 153 ] { قد بينا الآيات لقوم } يفقهون ف{ يوقنون } أنها آيات . فلو كان غرضهم طلب الحق لوقع الاكتفاء بها لكونها آيات ظاهرة هي القرآن العظيم الذي أخرس شقاشق الفصحاء عن آخرهم ، ومعجزات باهرة كمجيء الشجرة وحنين الجذع وتسبيح الحصى وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ، وأيضاً لو كان في معلوم الله تعالى أنهم يؤمنون عند إنزال ما اقترحوه لفعلها ، لكنه علم لجاجهم وعنادهم فلا جرم لم يفعل ذلك وأيضاً ، لعل في تلك الآيات مفاسد لا يعلمها إلا علام الغيوب كإفضائها إلى حد الإلجاء المخل بالتكليف ، وكإيجابها استئصاهم بالكلية إذا استمروا على التكذيب ، وكخروجها عن القدر الصالح لإلزام الحجة ، وأيضاً كثرة الآيات وتعاقبها ينافي كونها خوارق العادة فلا تبقى آيات ، وكل ما أدى وجوده إلى عدمه ففرض وجوده محال ، فثبت بهذه البيانات أن عدم إسعافهم بما اقترحوه لا يقدح في صحة النبوة والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.