القراءات : { لا بيعَ فيه ولا خلة ولا شفاعة } بالفتح غير منون : أبو عمرو وسهل ويعقوب وابن كثير ؛ الباقون : بالرفع والتنوين . وكذلك في سورة إبراهيم :{ لا بيع فيه ولا خلال }[ الآية : 31 ] وكذلك في سورة الطور :{ لا لغو فيها ولا تأثيم }[ الآية : 23 ] .
ثم إنه تعالى لما أمر بالقتال فيما سبق بقوله{ وقاتلوا في سبيل }[ البقرة : 190 ] وأعقبه بقوله{ منْ ذا الذي يقرض الله }[ الحديد : 11 ] ، والغرض منه الإنفاق في الجهاد ، ثم أكّد الأمر بالقتال وذكر فيه قصة طالوت ، أعقبه تارة أخرى الأمر بالإنفاق في الجهاد بقوله { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم } وعن الحسن أنه مختص بالزكاة لأن قوله { من قبل أن يأتي يوم } كالوعيد وأنه لا يتوجه إلا على الواجب ، والأكثرون على أنه عام يتناول الواجب والمندوب . وليس في الآية وعيد وإنما الغرض أن يعلم أن منافع الآخرة لا تكتسب إلا في الدنيا ، وأن الإنسان يجيء وحده وما معه إلا ما قدم من أعماله .
ومعنى قوله { لا بيع } أنه لا تجارة فيه فيكتسب ما يفتدى به من العذاب ، أو يكتسب مالاً حتى ينفق منه ، { ولا خلة } لا مودة ، لأن كلّ أحد يكون مشغولاً بنفسه لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه ، أو لأن الخوف الشديد غالب على كل أحد يوم تذهل كل مرضعة عما أَرضعت . ثم إنه لما نفى الخلة والشفاعة مطلقاً ذكر عقيبه قوله { الكافرون هم الظالمون } ليدلّ على أن ذلك النفي مختص بالكافرين وعلى هذا فتصير الآية دالة على ثبوت الشفاعة في حق الفسَّاق . نقل عن عطاء بن يسار أنه كان يقول : الحمد لله الذي قال والكافرون هم الظالمون ، ولم يقل والظالمون هم الكافرون . وقيل أراد والتاركون الزكاة هم الظالمون ، لأنهم تركوا تقديم الخيرات ليوم فاقتهم ، فقال { والكافرون } للتغليظ كقوله { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }[ آل عمران : 97 ] أي ومن لم يحج . وقيل المراد . إن الكافرين إذا دخلوا النار فالله لم يظلمهم بذلك ، بل هم الذين ظلموا أنفسهم باختيار الكفر والفسق . فهو كقوله { ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً }[ الكهف : 49 ] وقيل " الكافرون " هم الذين وضعوا الأمور في غير مواضعها لتوقعهم الشفاعة من الأصنام ، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله . وقيل المعنى والكافرون هم التاركون الإنفاق في سبيل الله من قوله { آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا }[ الكهف : 33 ] وأما المسلم فإنه ينفق في سبيل الله قل أم كثر . وفائدة الفصل أنهم الكاملون في الظلم البالغون فيه المبلغ العظيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.