غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ} (33)

23

ثم كان لسائل أن يسال : ما بال هذه الحيوانات تذبح فيتقرب بها إلى الله تعالى ؟ فلهذا قال : { لكم فيها منافع } يعني الدنيوية من الدر وركوب الظهر وسيشير إلى الدينية بقوله { لكم فيها خير } ولهذا أطلق ذلك وقيد هذه بقوله { إلى أجل مسمى } وهو أوان النحر . ثم بين أن وجوب نحرها أو وقت وجوب نحرها أو مكان نحرها منته إلى البيت أو إلى ما يجاوره ويقرب منه وهو الحرم كما مر في قوله { هديا بالغ الكعبة } [ المائدة : 95 ] ومثله قوله :بلغنا البلد " إذا شارفوه واتصل مسيرهم بحدوده . قال القفال : هذا إنما يختص بالهدايا التي بلغت مني ، فأما إذا عطبت قبل بلوغ مكة فإن محلها هو موضعها . روى أبو هريرة نه صلى الله عليه وسلم مر برجل يسوق بدنة وهو في جهد فقال صلى الله عليه وسلم : اركبها فقال : يا رسول الله إنها هدي . فقال : اركبها ويلك " وعن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال : " اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهراً " . وهذا هو الذي اختاره الشافعي . وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز الانتفاع بها لأنه لا يجوز إجازتها ولو كان مالكاً لمنافعها لملك عقد الإجارة عليها . وضعف بأن أم الولد لا يمكنه بيعها ويمكنه الانتفاع بها . وممن ذهب إلى هذا القول من فسر الأجل المسمى بوقت تسميتها هدياً ، والمراد أن لكم أن تنتفعوا بهذه الأنعام إلى أن تسموها أضحية وهدياً فإذا فعلتم ذلك فليس لكم أن تنتفعوا بها . وقد ينسب هذا القول إلى ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة والضحاك . أجاب الأولون بأن الضمير في قوله { لكم فيها منافع } عائد إلى الشعائر ، وتسمية ما سيجعل شعيرة مجاز والأصل عدمه . قال في الكشاف : " ثم " للتراخي في الوقت فاستعيرت للتراخي في الأحوال ، والمعنى إن لكم في الهدايا منافع كثيرة في دنياكم ودينكم ، وأعظم هذه المنافع وأبعدها شوطاً في النفع محلها منتهية إلى البيت . ومنهم من فسر الشعائر بالمناسك كلها وفسر الأجل المسمى بأوان انقطاع التكليف ، وزيفه جار الله بأن محلها إلى البيت يأباه .

/خ41