ثم حكى عنهم شبهة خامسة وهي قولهم : هلا نزل عليه القرآن حال كونه جملة واحدة أي مجتمعاً . ومعنى التنزيل ههنا : التعدية فقط ، لقرينة قوله { جملة } خلاف ما تقرر في أكثر المواضع من إرادة التكثير المفيد للتدريج كما مر في قوله { نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل } [ آل عمران : 3 ] والقائلون قريش أو اليهود ، فأجاب الله تعالى عن شبهتهم بقوله { لنثبت } الخ . وتقريره من وجوه أحدها : أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئاً كاتباً بخلاف موسى وداود وعيسى ، فلم يكن له بد من التلقن والتحفظ ، فأنزله الله عليه منجماً في عشرين سنة . وعن ابن جريج : في ثلاث وعشرين ليكون أقرب إلى الضبط وأبعد عن النسيان والسهو . وثانيها أن الاعتماد على الحفظ أقرب إلى التحصيل من الاعتماد على الكتابة ، والحفظ لا بد فيه من التدرج . وثالثها إن نزول الشرائع متدرجة أسهل على المكلف منها دفعة . ورابعها أن نزول جبريل ساعة فساعة مما يقوي قلبه ويعينه على تحمل أعباء النبوّة والرسالة . وخامسها أن نزوله مفرّقاً يوجب وقوع التحدي على أبعاض القرآن وأجزائه ونزوله جملة يقتضي وقوع التحدي على مجموعه ، ولا ريب في أن الأول أدخل في الإعجاز . وسادسها أن نزوله بحسب الوقائع والحوادث أوفق في باب التكاليف والاستبصار وأدل على الأخبار عن الحوادث في أوقاتها . وسابعها أن في تجديد منصب السفارة في كل حين مزيد شرف لجبريل .
وللترتيل معانٍ منها : أنه قدره آية بعد آية ودفعة عقيب دفعة . ومنها التأني في القراءة ومعنى { ورتلناه } أمرنا بترتيل قراءته ، ومنه حديث عائشة في قراءته : لا يسرد كسردكم هذا ، لو أراد السامع أن يعدّ حروفها لعدها ، وهو مأخوذ من ترتيل الأسنان أي تفليجها . يقال : ثغر مرتل ويشبه بنور الأقحوان في تفليجه . ومنها أنه نزله في مدد متباعدة الأطراف جملتها عشرون سنة ولم يفرقه في مدد متقاربة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.