ومعنى قوله { من قبل } أي من قبل أن ينزل القرآن . و { هدى للناس } إما أن يكون عائداً إلى الكتابين فقط فيكون قد وصف القرآن بأنه حق ، ووصف التوراة والإنجيل بأنهما هدى . وإنما لم يوصف القرآن بأنه هدى مع أنه قال في أول البقرة { هدى للمتقين }[ البقرة : 2 ] لأن المناظرة ههنا مع النصارى وهم لا يهتدون بالقرآن ، فذكر أنه حق في نفسه سواء قبلوه أو لم يقبلوه ، وأما الكتابان فهم قائلون بصحتهما فخصهما بالهداية لذلك ، وإما أن يكون راجعاً إلى الكتب الثلاثة وهو قول الأكثرين . { وأنزل الفرقان } قيل : أي جنس الكتب السماوية لأنها كلها تفرق بين الحق والباطل . وقيل : أي الكتب التي ذكرها كأنه وصفها بوصف آخر فيكون كما قال :
إلى الملك القرم وابن الهمام*** وليث الكتيبة في المزدحم
وقيل : أي الكتاب الرابع وهو الزبور ، وزيف بأن الزبور ليس فيه شيء من الشرائع والأحكام وإنما هو مواعظ ، ويحتمل أن يجاب بأن غاية المواعظ هي التزام الأحكام المعلومة فيؤل إلى ذلك . وقيل : كرر ذكر القرآن بما هو مدح له ونعت بعد ذكره باسم الجنس تفخيماً لشأنه وإظهاراً لفضله . وفي التفسير الكبير : إنه تعالى لما ذكر الكتب الثلاثة بيّن أنه أنزل معها ما هو الفرقان الحق وهو المعجز الباهر الذي يدل على صحتها ، ويفيد الفرق بينها وبين كلام المخلوقين . ثم إنه تعالى بعد ذكر الإلهيات والنبوات زجراً لمعرضين عن هذه الدلائل وهم أولئك النصارى أو كل من أعرض عن دلائله فإن خصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ فقال { إن الذين كفروا بآيات الله } من كتبه المنزلة وغيرها من دلائله { لهم عذاب شديد والله عزيز } لا يغالب إذ لا حد لقدرته { ذو انتقام } عقاب شديد لا يقدر على مثله منتقم . فالتنكير للتعظيم . وانتقمت منه إذا كافأته عقوبة بما صنع . فالعزيز إشارة إلى القدرة التامة على العقاب ، وذو انتقام إشارة إل كونه فاعلاً للعقاب . فالأول صفة الذات ، والثاني صفة الفعل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.