غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلٗا} (142)

142

التفسير : قال الزجاج : أي يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يظهرون له الإيمان ويبطنون الكفر كقوله :{ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله }[ الفتح :10 ] وهو خادعهم اسم فاعل من خادعته فخدعته إذا غلبته وكنت أخدع منه . قال ابن عباس : يعطيهم نوراً كما يعطي المؤمنين فإذا وصلوا إلى الصراط انطفأ نورهم ويبقى نور المؤمنين فينادون انظرونا نقتبس من نوركم . وباقي تفسير المخادعة تقدم في أول البقرة . كسالى جمع كسلان كسكارى في سكران أي يقومون متثاقلين متباطئين متقاعسين كما يرى من يفعل شيئاً على كره لا عن طيب نفس ورغبة وهو معنى الكسل . والسبب في ذلك أنهم يبتغون بها في الحال ولا يرجون من فعلها ثواباً ولا يخافون من تركها عقاباً . { يراؤون الناس } أي لا يقومون إلى الصلاة إلاّ لأجل الرياء والسمعة . ومعنى المفاعلة في الرياء أن المرائي يرى الناس عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل ، أو فاعل ههنا بمعنى فعل بالتشديد كقولك : ناعمة ونعمه . { ولا يذكرون الله } أي ولا يصلون { إلا قليلاً } لأنه متى لم يكن معهم أحد من الأجانب لا يصلون ، وإذا كانوا مع الناس فعند دخول وقت الصلاة يتكلفون حتى يصيروا غائبين عن أعين الناس ، فإن لم يجدوا مندوحة فحينئذٍ يصلون . وقيل : إنهم في صلاتهم لا يذكرون الله إلا قليلاً وهو الذي يظهر مثل التكبيرات ، فأما الذي يخفى وهو القراءة والتسبيحات فهم لا يذكرونها . وقيل : إنهم لا يذكرون الله في جميع الأوقات إلا ذكراً قليلاً في الندرة كما ترى من بعض المتهاونين بأمور الدين لو صحبته أياماً وليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ولا تحميدة ، ولكن حديث الدنيا يستغرق أوقاته ، ويجوز أن يراد بالقلة العدم ، قال قتادة : يريد أن الله لا يقبل صلاتهم لأن ما رده الله فكثيره قليل ، وما قبله الله فقليله كثير .

/خ152