بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمۡ فَإِن كَانَ لَكُمۡ فَتۡحٞ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡ وَإِن كَانَ لِلۡكَٰفِرِينَ نَصِيبٞ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَيۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا} (141)

ثم أخبر عن المنافقين ، فقال تعالى :

{ الذين يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } يعني ينتظرون بكم الدوائر ، وهو تغيير الحال عليكم { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ الله } يعني النصرة والغلبة على العدو { قَالُواْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } فأعطونا من الغنيمة { وَإِن كَانَ للكافرين نَصِيبٌ } يعني الظفر والغلبة على المؤمنين { قَالُواْ } للكفار { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } يعني : ألم نخبركم بصورة المسلمين ونطلعكم على سرهم ، ونخبركم عن حالهم . ويقال : { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } يعني : ألم نغلب عليكم بالمودة لكم . والاستحواذ هو الاستيلاء على الشيء ، كقوله تعالى { استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان فأنساهم ذِكْرَ الله أولئك حِزْبُ الشيطان أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشيطان هُمُ الخاسرون } [ المجادلة : 19 ] ثم قال : { وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ المؤمنين } يعني نجادل المؤمنين عنكم ونجنبهم عنكم . قال الله تعالى : { فالله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة } أي بين المؤمنين والمنافقين والكافرين { وَلَن يَجْعَلَ الله للكافرين عَلَى المؤمنين سَبِيلاً } أي الحجة ، ويقال : دولة دائمة أي لا تدوم دولتهم . وروي عن علي كرم الله وجهه ، أنه سئل عن قوله عز وجل إن الله تعالى يقول : { وَلَن يَجْعَلَ الله للكافرين عَلَى المؤمنين سَبِيلاً } وهم يسلطون علينا ويغلبوننا ، فقال : لا يسلط الكافر على المؤمن في الآخرة يوم القيامة .