غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَئِذٖ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوۡ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضُ وَلَا يَكۡتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثٗا} (42)

/41

ثم وصف ذلك اليوم فقال : { يومئذٍ يود الذين كفروا وعصوا الرسول } قيل : هذه الجملة معترضة والمراد وقد عصوا . والظاهر أن الواو للعطف وحينئذٍ تقتضي كون عصيان الرسول مغايراً للكفر لأنّ عطف الشيء على نفسه غير جائز . فإما أن يخص الكفر بنوع منه وهو الكفر بالله ، أو يقال : إنه عام وأفرد ذكر قسم منه إظهاراً لشرف الرسول وتفظيعاً لشأن الجحود به ، أو يحمل عصيان الرسول على المعاصي المغايرة للكفرة فيكون في الآية دلالة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع .

ومعنى { لو تسوّى } لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى ، أو يودون أنهم لم يبعثوا أو أنهم كانوا والأرض سواء ، أو تصير البهائم تراباً فيودون حالها كقوله :{ ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً }[ النبأ : 40 ] أما قوله : { ولا يكتمون الله حديثاً } فإما أن يتصل بما قبله والواو للعطف أي يودون لو انطبقت عليهم الأرض ولم يكونوا كتموا أمر محمد ولا كفروا به ولا نافقوا ، أو للحال والمراد أن المشركين لما رأوا يوم القيامة أن الله يغفر لأهل الإسلام دون أهل الشرك قالوا تعالوا فلنجحد فيقولون :{ والله ربنا ما كنا مشركين }[ الأنعام :23 ] رجاء أن يغفر الله لهم ، فحينئذٍ يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، هناك يودون أنهم كانوا تراباً ولم يكتموا الله حديثاً . وإما أن يكون كلاماً مستأنفاً فإن ما عملوه ظاهر عند الله فكيف يقدرون على كتمانه وإن قصدوه أو توهموه ؟

/خ57