ثم عاد إلى حكاية أحوال المنافقين فقال : { فما لكم في المنافقين فئتين } وهو منصوب على الحال والعامل معنوي مثل : ما لك قائماً أي ما تصنع ؟ وقيل : نصب على أنه خبر " كان " أي ما لكم كنتم في شأن المنافقين فئتين ؟ استفهام على سبيل الإنكار أي لا تختلفوا في كفرهم ولكن اقطعوا بنفاقهم فقد ظهرت دلائل ذلك وانكشفت جلية الحال . وذلك أنها نزلت في قوم من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابوا وباء المدينة وحماها فقالوا : يا رسول الله نريد أن نخرج إلى الصحراء فأذن لنا فيه فأذن لهم . فلما خرجوا لم يزالوا يرحلون مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين . فتكلم المؤمنون فيهم فقال بعضهم : نافقوا . وقال بعضهم : هم مسلمون . فبين الله نفاقهم . وقال مجاهد وقتادة : هم قوم هاجروا من مكة ثم بدا لهم فرجعوا وكتبوا إنا على دينك وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا .
وعن زيد بن ثابت : هم الذين تخلفوا يوم أحد وقالوا : لو نعلم قتالاً لاتبعناكم . وطعن بعضهم في هذا القول بأن نسق الكلام وهو قوله : { حتى يهاجروا في سبيل الله } يأباه إذ الهجرة تكون من مكة إلى المدينة . وعن عكرمة : هم قوم أخذوا أموال المشركين وانطلقوا بها إلى اليمامة . وقيل : هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا يساراً مولى النبي صلى الله عليه وسلم . وقال ابن زيد : نزلت في أهل الإفك . قال الحسن : سماهم المنافقين وإن أظهروا الكفر باعتبار حالهم التي كانوا عليها . { والله أركسهم } الركس والإركاس رد الشيء مقلوباً . ويقال للرفث الركس لأنه رد إلى حالة خسيسة وهي حال النجاسة ويسمى رجيعاً أيضاً لذلك والمراد ردهم إلى أحكام الكفار من الذل والصغار والسبي والقتل { بما كسبوا } أي بما أظهروا من الارتداد بعدما كانوا على النفاق { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً } لأن المخلوق لا يقدر على تبديل خلق الخالق وعلى خلاف مقتضى إرادته ومشيئته . وهذا ظاهر في المقصود . والمعتزلة يقولون : قوله : { أركسهم بما كسبوا } أي بسبب كسبهم وفعلهم ينفي القول بأن ضلالهم حصل بخلق الله فإذن المراد من إضلال الله حكمه بضلالهم كما يقال : فلان يكفر فلاناً أي ينسبه إلى الكفر ويحكم عليه بذلك . أو المراد إضلالهم عن طريق الجنة وهو مفسر بمنع الألطاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.