غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٞ وَهُوَ عَلَيۡهِمۡ عَمًىۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (44)

25

كانوا يقولون : لولا أنزل القرآن بلغة العجم تعنتاً منهم فأجابهم الله بقوله { ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا } معترضين منكرين { لولا فصلت آياته } أي بينت بلسان نفهمه . أقرآن أعجمي ورسول عربي أو مرسل إليه عربي ؟ وإنما جاز هذا التقدير الثاني مع أن المرسل إليهم كثيرون وهم غير أمة العرب ، لأن الغرض بيان تنافر حالتي القرآن ، والذين أنزل القرآن إليهم من العجمية والعربية لا بيان أنهم جمع أو واحد كما تقول : وقد رأيت لباساً طويلاً على امرأة قصيرة اللباس طويل واللابس قصير . ولو قلت : واللابسة قصيرة جئت بما هو أفضل . ومن قرأ بغير همزة الاستفهام فعلى حذفها أو على الإخبار بأن القران أعجمي والرسول أو المرسل إليه عربي ، والغرض أنهم لعنادهم لا ينفكون عن المراء والاعتراض سواء كان القرآن عربياً أو أعجمياً . وفيه إفحام لهم وجواب عن قولهم { قلوبنا في أكنة } فإن القرآن إذا كان بلغتهم وهم فصحاء وبلغاء فكيف لا يفهمونه إلا إذا كان هناك مانع إلهي ولذلك قال { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } لداء الجهل { والذين } أي وللذين { لا يؤمنون في آذانهم وقر } وهذا التقدير عند من يجوز العطف على عاملين ، ومن لم يجوز زعم أن الرابط محذوف تقديره : والذين لا يؤمنون هو في آذانهم وقر أو في آذانهم منه . وقرأ والذين لا يؤمنون به الخ . والحاصل أنهم لعدم انتفاعهم بالقرآن كأنهم صم عمي . ثم أكد هذا المعنى بقوله { أولئك ينادون من مكان بعيد } فلهذا لا يسمعون النداء أي مثلهم كمثل الشخص الذي ينادي من بعد فلا يسمع ، وإن سمع لم يفهم .

/خ54