{ وَلَوْ جعلناه قُرْءاناً أعْجَمِيّاً } أي لو جعلنا هذا القرآن الذي تقرأه على الناس بغير لغة العرب { لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ ءاياته } أي : بينت بلغتنا ، فإننا عرب لا نفهم لغة العجم ، والاستفهام في قوله : { ءاعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ } للإنكار ، وهو من جملة قول المشركين ، أي لقالوا أكلام أعجميّ ، ورسول عربيّ . والأعجمي : الذي لا يفصح سواء كان من العرب أو من العجم . والأعجم ضد الفصيح وهو الذي لا يبين كلامه ، ويقال للحيوان غير الناطق : أعجم . قرأ أبو بكر ، وحمزة ، والكسائي : { ءأعجميّ } بهمزتين محققتين . وقرأ الحسن ، وأبو العالية ، ونصر بن عاصم ، وهشام بهمزة واحدة على الخبر ، وقرأ الباقون بتسهيل الثانية بين بين . وقيل المراد : هلا فصلت آياته ، فجعل بعضها أعجمياً لإفهام العجم ، وبعضها عربياً لإفهام العرب .
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم ، فقال : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ هُدًى وَشِفَاء } أي : يهتدون به إلى الحق ، ويشتفون به من كل شك وشبهة ، ومن الأسقام والآلام { والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في ءاذَانِهِمْ وَقْرٌ } أي : صمم عن سماعه ، وفهم معانيه ، ولهذا تواصوا باللغو فيه { وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } قال قتادة : عموا عن القرآن وصموا عنه . وقال السدّي : عميت قلوبهم عنه ، والمعنى : وهو عليهم ذو عمى ، أو وصف بالمصدر للمبالغة ، والموصول في قوله : { والذين لاَ يُؤْمِنُونَ } مبتدأ ، وخبره { في آذَانِهِمْ وَقْرٌ } ، أو الموصول الثاني عطف على الموصول الأوّل ، ووقر عطف على هدى عند من جوّز العطف على عاملين مختلفين ، والتقدير : هو للأوّلين هدى وشفاء ، وللآخرين وقر في آذانهم . قرأ الجمهور : { عمى } بفتح الميم منونّة على أنه مصدر ، وقرأ ابن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعمرو بن العاص ، وابن عمر بكسر الميم منونّة على أنه اسم منقوص على أنه وصف به مجازاً . وقرأ عمرو بن دينار بكسر الميم ، وفتح الياء على أنه فعل ماض ، واختار أبو عبيدة القراءة الأولى لقوله أوّلاً : { هدى وشفاء } ، ولم يقل هاد وشاف . وقيل المعنى : والوقر عليهم عمى ، والإشارة بقوله : { أولئك } إلى الذين لا يؤمنون ، وما في حيزه ، وخبره : { يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } مثل حالهم باعتبار عدم فهمهم للقرآن بحال من ينادي من مسافة بعيدة لا يسمع صوت من يناديه منها . قال الفراء : تقول للرجل الذي لا يفهم كلامك : أنت تنادي من مكان بعيد . وقال الضحاك : ينادون يوم القيامة بأقبح أسمائهم من مكان بعيد . وقال مجاهد : من مكان بعيد من قلوبهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.