ثم ذكر أربعة أنواع أخر من التكاليف وذلك قوله : { ولا تقربوا مال اليتم إلا بالتي } أي بالخصلة أو الطريقة التي { هي أحسن } وهي السعي في تثميره وإنمائه ورعاية وجوه الغبطة لأجله كما مر في أول سورة النساء { حتى يبلغ أشده } أي احفظوا ماله إلى هذه الغاية أي أوان الاحتلام ولكن بشرط أن يؤنس منه الرشد . قال الفراء : واحد الأشد شدته في القياس ولم يسمع . وقال أبو الهيثم : الواحد شدّة كأنعم في نعمة ، والشدّة القوّة ومنه قولهم : «بلغ الغلام شدّته » وقيل : إنه واحد جاء على بناء الجمع كآنك ولا نظير لهما { وأوفوا الكيل والميزان بالقسط } بالعدل والسوية . وإيفاء الكيل إتمامه خلاف البخس . وقوله : { والميزان } أي الوزن بالميزان . فإن قيل : إيفاء الكيل والوزن هو عين القسط فما فائدة التكرار ؟ قلنا : أمر الله المعطى بإيفاء إيتاء ذي الحق حقه من غير نقصان وأمر صاحب الحق بأخذ حقه من غير طلب الزيادة . ثم قال : { لا نكلف نفساً إلا وسعها } ليعلم أن الواجب هو القدر الممكن من العدالة والسوية لا التحقيق المؤدي إلى الحرج والعسر . فزعمت المعتزلة هاهنا أن هذا القدر من التضييق حيث لم يجوزه الله تعالى فكيف يكلف الكافر الإيمان مع أنه لا قدرة له عليه أو يخلق القدرة الموجبة للكفر والداعية المقتضية له ثم ينهاه عنه وعورض بالعلم والداعي كما تقدّم مراراً { وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان } المقول له أو عليه { ذا قربى } حمله المفسرون على أداء الشهادة وعلى الأمر والنهي والأولى أن يحمل على الأقوال كلها ويدخل فيه قول الرجل في الدعاء إلى الدين . وتقرير الدلائل عليه بأن يذكر الدليل مخلصاً عن الحشو ومبرأ عن النقص ومجرداً عن العصبية والجدال على مقتضى الهوى والتشهي ، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكذا الحكاية الرواية والرسالة . وحكم الحاكم بحيث يتسوي فيه بين القريب والبعيد ولا ينظر إلا إلى رضا الله ، وختم الأوامر بقوله : { وبعهد الله أوفوا } كما قال : أوفوا بالعقود } [ المائدة : 1 ] ويندرج في هذه الخاتمة بالحقيقة جميع الأنواع المذكورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.