غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔايَةٖ قَالُواْ لَوۡلَا ٱجۡتَبَيۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ هَٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (203)

199

ثم ذكر نوعاً واحداً من إغوائهم فقال { وإذا لم تأتهم } بآية وذلك أنهم كانوا يطلبون آيات معينة ومعجزات مخصوصة على سبيل التعنت كقولهم { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } [ الإسراء : 90 ] ثم إنه صلى الله عليه وسلم ما كان يأتيهم بها فعند ذلك { قالوا لولا اجتبيتها } يقال اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه أي جمعه ، وجبى إليه فاجتباه أي أخذه ، والمعنى هلا افتعلتها وجئت بها من عند نفسك لأنهم كانوا يقولون إن هذا إلا إفك مفترى وكانوا ينسبونه إلى السحر . والمراد هلا أخذتها واقترحتها على إلهك ومعبودك إن كنت صادقاً في أن الله يجيب دعاءك ويسعف باقتراحك ؟ وعند هذا أمر رسوله أن يذكر في الجواب { إنما أتبع ما يوحى إليَّ من ربي } ولست بمفتعل للآيات أو لست بمقترح لها . ثم بين أن عدم الإتيان بتلك المعجزات التي اقترحوها ألا يقدح في الغرض لأن ظهور القرآن على وفق دعواه معجزة بالغة قاهرة كافية في تصحيح النبوة فكان طلب الزيادة من التعنت فقال { هذا } يعني القرآن { بصائر } إطلاق لاسم المسبب على السبب ، وذلك أن فيه حججاً بينة تفيد القلوب بصيرة وكشفاً { هدى } للمستدلين الواصلين بالنظر والاستدلال إلى درجة العرفان . فالبصائر لأصحاب عين اليقين ، والهدى لأرباب علم اليقين ، والرحمة لغيرهم من الصالحين المقلدين ، والجميع { لقوم يؤمنون } .

/خ206