سورة الأنفال مدنية إلا سبع آيات من قوله { وإذ يمكر بك } إلى قوله { يحشرون } حروفها 5294 كلمها 1231 آياتها خمس وسبعون .
التفسير : روى عكرمة عن ابن عباس قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من فعل كذا فله كذا ، فذهب شبان الرجال وجلس الشيوخ تحت الرايات فلما كانت القسمة جاء الشبان يطلبون نفلهم وقالت الشيوخ : لا تستأثروا علينا فإنا كنا تحت الرايات ولو انهزمتم كنا ردأ لكم فأنزل الله تعالى { يسألونك عن الأنفال } فقسمها بينهم بالسواء . وعن عبادة بن الصامت قال : لم هزم العدوّ يوم بدر واتبعتهم طائفة يقتلونهم ، أحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم واستولت طائفة بالعكسر والنهب ، فلما نفى الله العدوّ رجع الذين طلبوهم وقالوا : لنا النفل نحن طلبنا العدوّ وبنا قفاهم الله وهزمهم . وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنتم بأحق به منا نحن أحدقنا برسول الله لا ينال العدوّ منه صلى الله عليه وسلم غرة . وقال الذين استولوا على العسكر والنهب : نحن أخذناه واستولينا عليه فهو لنا فنزلت الآية ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم بالسواء . وعن سعد بن أبي وقاص لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص فأخذت سيفه فأعجبني فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن الله قد شفى صدري من المشركين فهب لي هذا السيف . فقال : ليس هذا لي ولا لك اطرحه في القبض أي في المقبوض من الغنائم ، فطرحته وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي ، فما جاوزت إلا قليلاً حتى جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزلت سورة الأنفال عليه فقال : «يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي وإنه الآن قد صار لي فاذهب فخذه » . والنفل بالتحريك الغنيمة وجمعه الأنفال وهي الأموال المأخوذة من الكفار قهراً . قال الأزهري : هو ما كان زيادة على الأصل فسميت الغنائم بذلك لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم الذين لم تحل الغنائم لهم . وصلاة التطوّع نافلة لأنها زائدة على الفرض وقال تعالى { ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة } [ الأنبياء : 72 ] أي زيادة على ما سأل . والضمير في { يسألونك } عائد إلى جامع معينين من الصحابة لهم تعلق بالغنائم كما قررنا . وحسن العود وإن لم يجر لهم ذكر في اللفظ لدلالة الحال عليهم ، ولفظ السؤال وإن كان مبهماً إلا أن تعيين الجواب يدل على أن المراد أنهم سألوا عن الأنفال كيف مصرفها ومن المستحق لها . قال الزجاج : إنما سألوا عنها لأنها كانت حراماً على من كان قبلهم . وضعف بأن الآية دلت على أنها مسبوقة بالتنازع والتنافس فسألوا عن كيفية قسمتها لا عن حلها وحرمتها . وعن عكرمة أن المراد من هذا السؤال الاستعطاء أي يطلبون منك الغنائم وقال في الكشاف : النفل ما ينفله الغازي أي يعطاه زائداً على سهمه من المغنم وهو أن يقول الإمام تحريضاً على البلاء في الحرب . من قتل قتيلاً فله سلبه . أو قال السرية ما أصبتم فهو لكم أو فلكم نصفه أو ربعه . ولا يخمس النفل ويلزم الإمام الوفاء بما وعد به . وهذا التفسير يناسب خبر سعد بن أبي وقاص في إعطاء السيف إياه . وعن ابن عباس في بعض الروايات أن المراد بالأنفال ما شذ عن المشركين إلى المسلمين من غير قتال من دابة أو عبد أو متاع فهو إلى النبي صلى الله عليه وسلم يضعه حيث يشاء . وعن مجاهد : إن الأنفال الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس . وعلى هذا فالقوم إنما سألوا عن الخمس فنزلت الآية . ثم أمر بالشروع في الجواب فقال { قل الأنفال لله والرسول } أي حكمها مختص بالله ورسوله يأمر الله بقسمتها على ما تقتضيه حكمته ويمتثل الرسول أمر الله فيها ، وليس الأمر في قسمتها مفوّضاً إلى رأي أحد . قال مجاهد وعكرمة والسدي : إنها منسوخة بقوله { واعلموا أن ما غنمتم } [ الأنفال : 41 ] الآية . وضعف بأن جعل أربعة أخماسها ملكاً للغانمين لا ينافي كون الحكم فيها لله والرسول ، ولو فسر الأنفال بالخمس أو بالسلب فلا إشكال . ثم حثهم على ترك المنازعة وعلى المؤاخاة والمصافاة فقال { فاتقوا الله } أي عقابه ولا تقدموا على معصيته واتركوا المنازعة والمخاصمة بسبب هذه الأموال { وأصلحوا ذات بينكم } أي التي هي بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومودة وموافقة . لما كانت الأحوال واقعة في البين قيل لها ذات البين كما أن الأسرار لما كانت مضمرة في الصدور قيل لها ذات الصدور . ثم ختم الآية بقوله { إن كنتم مؤمنين } أي كاملي الإيمان تنبيهاً على أن كمال الإيمان موقوف وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله . ثم وصف المؤمنين الكاملين فقال { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.