غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ} (58)

50

ومن جملة قبائحهم قوله { ومنهم من يلمزك } الآية . قال الزجاج : لمزت الرجل ألمزه وألمزه بكسر الميم وضمها إذا عبته . وفرق الليث فقال : اللمز العيب في الحضور ، والهمز الغيب في الغيبة ، واعلم أن العيب في الصدقات يحتمل وجوهاً : الأول : في أخذها بأن يقال انتزاع كسب الإنسان من يده غير معقول لأن الله هو المتكفل بمصالح عبيده إن شاء أفقرهم وإن شاء أغناهم . الثاني : أن يقال : هي أنك تأخذ الزكوات إلا أن ما تأخذه كثير فوجب أن تقنع بأقل من ذلك . الثالث : هب أنك تأخذ هذا الكثير إلا أنك تصرفه إلى غير مصرفه فيكون العيب قد وقع في قسمة الصدقات وفي تفريقها وهذا هو الذي دلت الأخبار على أنهم أرادوه . عن أبي سعيد الخدري

«بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين قال له ابن ذي الخويصرة رأس الخوارج : أعدل يا رسول الله . فقال : ويلك ومن يعدل إذ لم أعدل » فنزلت . وعن الكلبي هو أبو الجواظ قال : ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم وهو يزعم أنه يعدل . فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا أبا لك أما كان موسى راعياً . أما كان داود راعياً فلما ذهب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون » وقيل : هم المؤلفة قلوبهم . ثم بيّن أن عيبهم ذلك وسخطهم لأجل نصيب نفسهم لا للدين فقال { فإن أعطوا منها رضوا } وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعطف قلوب أهل مكة يومئذ بتوفير الغنائم عليهم فضجر المنافقون . ومعنى { إذا هم يسخطون } فهم يسخطون . وفائدته أن يعلم أن الشرط مفاجئ للجزاء ومتهجم عليه .

/خ59