غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّـٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (72)

70

ثم فصل ما أجمل من الرحمة بقوله { وعد الله المؤمنين } لآية . وقد كثر كلام أصحاب الآثار في معنى جنات عدن فقال الحسن : سألت عمران بن الحصين وأبا هريرة عن ذلك فقالا : على الخبير سقطت سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «هو قصر في الجنة من اللؤلؤ وفيه سبعون داراً من ياقوته حمراء ، في كل دار سبعون بيتاً من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريراً على كل سرير سبعون فراشاً على كل فراش زوجة من الحور العين ، وفي كل بيت سبعون مائدة على كل مائدة سبعون لوناً من الطعام ، وفي كل بيت سبعون وصيفة يعطى المؤمن من القوة ما يأتي على ذلك أجمع » . وعن ابن عباس أنها دار الله لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر . وقال ابن مسعود : جنات عدن بطنان الجنة أي وسطها قاله الأزهري . وبطنان الأودية المواضع التي يستنقع فيها السيل واحدها بطن . وقال عطاء عن ابن عباس : هي قصبة الجنة وسقفها عرش الرحمن وهي المدينة التي فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى . وسائر الجنات حولها . وفيها عين التسنيم وفيها قصور الدار والياقوت والذهب . فتهب الريح من تحت العرش فتدخل عليها كثبان المسك الأبيض . وقال عبد الله بن عمر : وإن في الجنة قصراً يقال له عدن حوله البروج وله خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلا نبي أو صدّيق أو شهيد . وفي هذه الأخبار دلالة على أن عدناً علم ويؤيده قوله { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب } [ مريم : 61 ] ولو لم يكن علماً لم يوصف بالمعرفة . ولا ريب أن أصله صفة من قولك عدن بالمكان إذا أقام به ، ومنه المعدن للمكان الذي تخلق فيه الجواهر . وعلى هذا فالجنات كلها جنات عدن . إلا أن يغلب الاسم على بعضها . { ورضوان من الله } شيء يسير من رضاه { أكبر } من ذلك كله لأن رضاه سبب كل فوز وكرامة وكل خطب مع رضا المولى هين ، وكل نعيم مع سخطه منغص . وفيه دليل على أن السعادات الروحانية أعلى حالاً وأشرف مآلاً من السعادات الجسمانية بل لا نسبة لتلك اللذة والابتهاج إلى هذه على أن الاعتراف بالسعادات الجسمانية واجب من حيث الشرع { ذلك } الموعود والرضوان { هو الفوز العظيم } وحده دون ما يعده الناس فوزاً . في الحديث «إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة هل رضيتم ؟ فيقولون : ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا وأي شيء أفضل من ذلك قال أدخل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً » .

/خ79