مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهۡدِي لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ} (35)

{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الحق } يرشد إليه { قُلِ الله يَهْدِى لِلْحَقّ أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يهدى } يقال هداه للحق وإلى الحق فجمع بين اللغتين ويقال هدى بنفسه بمعنى اهتدى كما يقال شرى بمعنى اشترى ، ومنه قراءة حمزة وعلي { أمن لا يهدي } بمعنى يهتدي { لا يَهّدىِ } بفتح الياء والهاء وتشديد الدال : مكي وشامي وورش ، وبإشمام الهاء فتحة : أبو عمرو ، وبكسر الهاء وفتح الياء : عاصم غير يحيى ، والأصل { يهتدي } وهي قراءة عبد الله فأدغمت التاء في الدال وفتحت الهاء بحركة التاء وكسرت لالتقاء الساكنين ، وبكسر الياء والهاء وتشديد الدال : يحيى لاتباع ما بعدها وبسكون الهاء وتشديد الدال مدني غير ورش ، والمعنى أن الله وحده هو الذي يهدي للحق بما ركب في المكلفين من العقول وأعطاهم من التمكين للنظر في الأدلة التي نصبها لهم ، وبما وفقهم وألهمهم ووقفهم على الشرائع بإرسال الرسل ، فهل من شركائكم - الذين جعلتم أنداداً لله - أحد يهدي إلى الحق مثل هداية الله ؟ ثم قال : { أفمن يهدي إلى الحق أحق } بالاتباع أم الذي لا يهدي أي لا يهتدي بنفسه أولا يهدي غيره إلا أن يهديه الله . وقيل : معناه أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن يهدي إلا أن ينقل ، أولا يهتدي ولا يصح منه الاهتداء إلا أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حياً ناطقاً فيهديه { فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } بالباطل حيث تزعمون أنهم أنداد الله