محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهۡدِي لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ} (35)

ثم احتج عليهم أيضا ، إفحاما إثر إفحام بقوله تعالى : { قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون } .

{ قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق } أي بوجه من الوجوه ، كبعثة الرسل ، وإبقاء العقل ، وتمكين النظر في آيات الكون ، والتوفيق للتدبر . { قل الله يهدي للحق أفمن يهدي للحق } وهو تبارك وتعالى { أحق أن يتبع } أي يعبد ويطاع { أمن لا يهدي } أي إلا أن يهديه الله تعالى- نزل منزلة من يعقل لإفحامهم وقيل معناه : أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن ينقل . أو لا يهتدي ولا يصح منه الاهتداء ، إلا أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حيوانا مكلفا ، فيهديه . وقد قرئ { أمن لا يهدي } بفتح الياء والهاء وتشديد الدال ، أصله يهتدي ، أدغمت التاء في الدال ، ونقلت فتحة التاء المدغمة إلى الهاء ؛ وقرئ بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ، لأنه لما نقلت الحركة التقى ساكنان ، فكسر أولهما للتخلص من التقائهما ، وقرئ بسكون / الهاء وبتخفيف الدال ، على معنى ( يهتدي ) . والعرب تقول : يهدي بمعنى يهتدي . يقال : هديته فهدى أي اهتدى .

وقوله تعالى : { فما لكم } مبتدأ وخبره ، والاستفهام للإنكار والتعجب . أي : أي شيء لكم في اتخاذ هؤلاء العاجزين عن هداية أنفسهم ، فضلا عن هداية غيرهم ، شركاء . وقوله : { كيف تحكمون } مستأنف ، أي كيف تحكمون بالباطل ، حيث تزعمون أنهم أندادا الله ؟ !

/خ36