بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهۡدِي لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ} (35)

{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الحق } ، يقول هل يقدر أحد من آلهتكم أن يهدي إلى الحق أي يدعو الخلق إلى الإسلام ؟ فقالوا : لا .

{ قُلِ الله يَهْدِى لِلْحَقّ } ، يعني : يدعو الخلق إلى الإسلام ويوفق من كان أهلاً لذلك { أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ } ، أي من يدعو إلى الحق أحق أن يعمل بأمره ويعبد ؟ { أَمَّن لاَّ يَهِدِّى } طريقاً ولا يهتدي { إِلاَّ أَن يهدى } ، يعني : لا يمشي بنفسه إلا أن يحمل من مكان إلى مكان . قرأ نافع وأبو عمر { أَمَّن لاَّ يَهِدِّى } بجزم الهاء وتشديد الدال لأن أصله في اللغة يهتدي فادغم التاء في الدال وأقيم التشديد مقامه ؛ وقرأ ابن كثير وابن عامر ونافع في رواية ورش { يَهْدِى } بنصب الياء والهاء وتشديد الدال ، لأن حركة التاء وقعت على الهاء وقرأ عاصم في رواية حفص { يَهْدِى } بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال لأنه لما اجتمع الساكنان حرك أحدهما بالكسر ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر { يَهْدِى } بكسر الياء والهاء وتشديد الدال فأتبع الكسرة الكسرة ؛ وقرأ حمزة والكسائي { يَهْدِى } بجزم الهاء وتخفيف الدال ويكون معناه لا يهتدي . قال الكسائي : قوم من العرب يقول : هديت الطريق بمعنى اهتديت ، فهذه خمس من القراءات في هذه الآية .

ثم قال : { فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } ؟ كيف تقضون لأنفسكم ؟ يعني : تقولون قولاً ثم ترجعون . ويقال : { مَا لَكُمْ } كلام تام ، فكأنه قيل لهم : أي شيء لكم في عبادة الأوثان . ثم قيل لهم { كَيْفَ تَحْكُمُونَ } أي على أي حال تحكمون ؟ ويقال : معناه كيف تعبدون آلهتكم بلا حجة ولا تعبدون الله بعد هذا البيان لكم ؟ .