مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَيۡرٞ لِّلصَّـٰبِرِينَ} (126)

{ وَإنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ } ، سمى الفعل الأول عقوبة والعقوبة هي الثانية لازدواج الكلام كقوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى : 40 ] ، فالثانية ليست بسيئة ، والمعنى إن صنع بكم صنيع سوء من قتل أونحوه فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه . رُوي أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد ، وبقروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم ، فرأى النبي عليه السلام حمزة مبقور البطن فقال : « أما والذي أحلف به لأمثلن بسبعين مكانك » ، فنزلت ، فكفر عن يمينه وكف عما أراده . ولا خلاف في تحريم المثلة لورود الأخبار بالنهي عنها حتى بالكلب العقور . { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } ، الضمير في { لهو } ، يرجع إلى مصدر { صبرتم } ، والمراد بالصابرين المخاطبون ، أي : ولئن صبرتم لصبركم خير لكم ، فوضع { الصابرين } موضع الضمير ثناء من الله عليهم ؛ لأنهم صابرون على الشدائد ، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم .