مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالَ ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ وَلَتَعۡلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابٗا وَأَبۡقَىٰ} (71)

{ قَالَ ءامَنتُمْ } بغير مد : حفص ، وبهمزة ممدودة : بصري وشامي وحجازي ، وبهمزتين : غيرهم { لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ } أي لموسى . يقال : آمن له وآمن به { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذى عَلَّمَكُمُ السحر } لعظيمكم أو لمعلمكم ، تقول أهل مكة للمعلم : أمرني كبيري { فَلأُقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ } القطع من خلاف أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى لأن كل واحد من العضوين يخالف الآخر بأن هذا يد وذاك رجل وهذا يمين وذاك شمال ، و «من » لابتداء الغاية لأن القطع مبتدأ وناشىء من مخالفة العضو ، ومحل الجار والمجرور النصب على الحال يعني لأقطعنها مختلفات لأنها إذا خالف بعضها بعضاً فقد اتصفت بالاختلاف ، شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن المظروف في الظرف فلهذا قال { وَلأُصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ النخل } وخص النخل لطول جذوعها { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً } أنا على ترك إيمانكم بي أو رب موسى على ترك الإيمان به . وقيل : يريد نفسه لعنه الله وموسى صلوات الله وسلامه عليه بدليل قوله { آمنتم له } واللام مع الإيمان في كتاب الله لغير الله كقوله { يُؤْمِنُ بالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ التوبة : 61 ] { وأبقى } أدوم .