مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي سبع وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ تبارك } تفاعل من البركة وهي كثرة الخير وزيادته ، ومعنى تبارك الله تزايد خيره وتكاثر أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله ، وهي كلمة تعظيم لم تستعمل إلا لله وحده والمستعمل منه الماضي فحسب { الذى نَزَّلَ الفرقان } هو مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بينهما ، وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل والحلال والحرام ، أو لأنه لم ينزل جملة ولكن مفرقاً مفصولاً بين بعضه وبعض في الإنزال ألا ترى إلى قوله : { وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ ونزلناه تَنْزِيلاً } [ الإسراء : 106 ] { على عَبْدِهِ } محمد عليه الصلاة والسلام { لِيَكُونَ } العبد أو الفرقان { للعالمين } للجن والإنس وعموم الرسالة من خصائصه عليه الصلاة والسلام { نَذِيراً } منذراً أي مخوفاً أو إنذاراً كالنكير بمعنى الإنكار ومنه قوله تعالى { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } [ القمر : 18 ]