مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (26)

{ قُلِ اللهم } الميم عوض من «يا » ولذا لا يجتمعان ، وهذا بعض خصائص هذا الاسم كما اختص بالتاء في القسم وبدخول حرف النداء عليه ، وفيه لام التعريف وبقطع همزته في «يا الله » وبالتفخيم { مالك الملك } تملك جنس الملك فتتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون وهو نداء ثانٍ أي يا مالك الملك { تُؤْتِي الملك مَن تَشَاءُ } تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له من الملك { وَتَنزِعُ الملك مِمَّن تَشَاءُ } أي تنزعه فالملك الأول عام والملكان الآخران خاصان بعضان من الكل . " روي أنه عليه السلام حين فتح مكة وعد أمته ملك فارس والروم فقالت اليهود والمنافقون : هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعز وأمنع من ذلك " فنزلت { وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ } بالملك { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } بنزعه منه { بِيَدِكَ الخير } أي الخير والشر فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر ، أو لأن الكلام وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين وهو الذي أنكرته الكفرة فقال : بيدك الخير تؤتيه أولياءك على رغم من أعدائك { إِنَّكَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ولا يقدر على شيء أحد غيرك إلا بإقدارك . وقيل : المراد بالملك ملك العافية أو ملك القناعة . قال عليه السلام " ملوك الجنة من أمتي القانعون بالقوت يوماً فيوماً " أو ملك قيام الليل . وعن الشبلي : الاستغناء بالمكون عن الكونين تعز بالمعرفة أو بالاستغناء بالمكون أو بالقناعة وتذل بأضدادها .