الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (26)

وقوله تعالى : { قُلِ اللهم مالك الملك . . . } [ آل عمران :26 ] .

هو سبحانه وتعالى مالكُ الملكِ كلِّه مطلقاً في جميع أنواعه ، وأشرفُ ملكٍ يؤتيه عباده سعادةُ الآخرة ، رُوِيَ أنَّ الآية نزلَتْ بسبب أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بشَّر أُمَّتَه بفتح مُلْك فارس وغيره ، فقالَتِ اليهودُ والمنافقُونَ : هَيْهَاتَ ، وكذَّبوا بذلك .

ومذهب البصريِّين أن الأصل في ( اللَّهُمَّ ) : يَا أَللَّهُ ، فعوِّض من ياء النداءِ ميماً مشدَّدة .

و{ مالك } : نصْبٌ على النداء ، وخص تعالى الخَيْر بالذكْر ، وهو تعالى بيده كلُّ شيء ، إِذ الآية في معنى دعاء ورغبة ، فكأنَّ المعنى : ( بِيَدِكَ الخَيْرُ ) فأجزِلْ حظِّي منه ، قال النوويُّ : ورُوِّينَا في كتاب «التِّرْمذيِّ » وغيره ، عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّاب ( رضي اللَّه عنه ) ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَنْ دَخَلَ السُّوقَ ، فَقَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه وَحْده لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، بِيَدِهِ الخَيْرُ ، وهو على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ ) ورواه الحاكمُ أبو عبد اللَّه في المُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ، من طرق كثيرةٍ ، وزاد فيه في بعْضِ طرقه : ( وبنى لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ ) قال الحاكمُ : وفي البابِ ، عن جابرٍ ، وأبي هريرة ، وبُرَيْدَة الأسلميِّ ، اه من «الحلية » .