قوله : { قُلِ اللهم } . قال الخليل ، وسيبويه ، وجميع البصرين : إن أصل اللهم : يا الله ، فلما استعملت الكلمة دون حرف النداء الذي هو «يا » جعلوا بدله هذه الميم المشددة ، فجاءوا بحرفين ، وهما الميمان عوضاً من حرفين ، وهما الياء والألف ، والضمة في الهاء هي : ضمة الاسم المنادي المفرد . وذهب الفراء ، والكوفيون إلى أن الأصل في اللهم : يا ألله أمنا بخير ، فحذف ، وخلط الكلمتان ، والضمة التي في الهاء هي : الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت الهمزة انتقلت الحركة . قال النحاس : هذا عند البصريين من الخطأ العظيم ، والقول في هذا ما قاله الخليل ، وسيبويه ، قال الكوفيون ، وقد يدخل حرف النداء على اللهم ، وأنشدوا في ذلك قول الراجز :
غفرت أو عذبت يا اللهما *** . . .
وَمَا عَلَيْكِ أنْ تَقُولي كُلَّمَا*** سَبَّحتِ أوْ هللتَ يَاللَّهُما
إني إذَا مَا حَدَث ألَمَّا *** أقَولُ يَاللَّهُم ياللهما
قالوا : ولو كان الميم عوضاً من حرف النداء لما اجتمعتا . قال الزجاج : وهذا شاذ لا يعرف قائله . قال النضر بن شميل : من قال : اللهم ، فقد دعا الله بجميع أسمائه . قوله : { مالك الملك } أي : مالك جنس الملك على الإطلاق ، ومالك منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان ، أي : يا مالك الملك ، ولا يجوز عنده أن يكون ، وصفاً لقوله : { اللهم } لأن الميم عنده تمنع الوصفية . وقال محمد بن يزيد المبرد ، وإبراهيم بن السري الزجاج : إنه صفة لاسم الله تعالى ، وكذلك قوله تعالى : { قُلِ اللهم فَاطِرَ السماوات والأرض } [ الزمر : 46 ] . قال أبو علي الفارسي : وهو مذهب المبرد ، وما قاله سيبويه أصوب ، وأبين ، وذلك لأنه اسم مفرد ضم إليه صوت ، والأصوات لا توصف نحو غاق ، وما أشبهه . قال الزجاج : والمعنى مالك العباد ، وما ملكوا . وقيل : المعنى مالك الدنيا ، والآخرة ، وقيل : الملك هنا : النبوة ، وقيل : الغلبة ، وقيل : المال والعبيد ، والظاهر : شموله لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص { تُؤْتِى الملك مَن تَشَاء } أي : من تشاء إيتاءه إياه { وَتَنزِعُ الملك مِمَّن تَشَاء } نزعه منه . والمراد بما يؤتيه من الملك ، وينزعه هو نوع من أنواع ذلك الملك العام .
قوله : { وَتُعِزُّ مَن تَشَاء } أي : في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال عزّ : إذا غلب ، ومنه : { وَعَزَّنِي فِي الخطاب } [ ص : 23 ] . وقوله : { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } أي : في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال ذلّ يذلّ ذلاً : إذا غلب وقهر . وقوله : { بِيَدِكَ الخير } تقديم الخبر للتخصيص ، أي : بيدك الخير لا بيد غيرك ، وذكر الخير دون الشرّ ؛ لأن الخير بفضل محض بخلاف الشرّ ، فإنه يكون جزاء لعمل وصل إليه . وقيل : لأن كلّ شرّ من حيث كونه من قضائه سبحانه هو : متضمن للخير ، فأفعاله كلها خير ، وقيل : إنه حذف ، كما حذف في قوله : { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر } [ النحل : 81 ] وأصله بيدك الخير والشرّ ، وقيل : خص الخير ؛ لأن المقام مقام دعاء . قوله : { إِنَّكَ على كُلّ شَيء قَدِيرٌ } تعليل لما سبق ، وتحقيق له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.