{ ياأيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبى إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ ناظرين إناه } { أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } في موضع الحال أي لا تدخلوا إلا مأذوناً لكم ، أو في معنى الظرف تقديره إلا وقت أن يؤذن لكم ، { غَيْرَ ناظرين } حال من { لاَ تَدْخُلُواْ } وقع الاستثناء على الحال والوقت معاً كأنه قيل : لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن ولا تدخلوها إلا غير ناظرين أي غير منتظرين . وهؤلاء قوم كانوا يتحينون طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه ، ومعناه لا تدخلوا يا أيها المتحينون للطعام إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ، وإنى الطعام إدراكه يقال أَنى الطعام أني كقولك قلاه قلي . وقيل : إناه وقته أي غير ناظرين وقت الطعام وساعة أكله . ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على زينب بتمر وسويق وشاة وأمر أنساً أن يدعو بالناس فترادفوا أفواجاً يأكل فوج ويخرج ثم يدخل فوج إلى أن قال يا رسول الله دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه فقال «ارفعوا طعامكم » ، وتفرق الناس وبقيء ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجرات وسلم عليهن ودعون له ورجع ، فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحياء فتولى ، فلما رأوه متولياً خرجوا فرجع ونزلت { وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فادخلوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا } فتفرقوا { وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } هو مجرور معطوف على { ناظرين } أو منصوب أي ولا تدخولها مستأنسين نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدث به { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النبى فَيَسْتَحْيِى مّنكُمْ } من إخراجكم { والله لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ الحق } يعني أن إخراجكم حق ما ينبغي أن يستحيا منه .
ولما كان الحياء مما يمنع الحيّي من بعض الأفعال قيل لا يستحيي من الحق أي لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم ، هذا أدبٌ أدّب اللّه به الثقلاء . وعن عائشة رضي الله عنها : حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم وقال { فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا } .
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ } الضمير لنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لدلالة بيوت النبي لأن فيها نساءه { متاعا } عارية أو حاجة { فَسْئَلُوهُنَّ } المتاع { مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } من خواطر الشيطان وعوارض الفتن ، وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال وكان عمر رضي الله عنه يجب ضرب الحجاب عليهن ويود أن ينزل فيه وقال : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت . وذكر أن بعضهم قال : أننهى أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب لئن مات محمد لأتزوّجن فلانة فنزل { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً } أي وما صح لكم إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نكاح أزواجه من بعد موته { إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً } أي ذنباً عظيماً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.