وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ ناظرين إناه } [ الأحزاب : 53 ] .
هذهِ الآيةُ تُضمنتُ قِصَّتَيْنِ : إحداهما : الأدبُ في أمر الطَّعَامِ والجلوسِ ، والثانيةُ : أمرُ الحجَاب .
قال الجمهور : سببُها أن النّبي صلى الله عليه وسلم لما تزوَّج زَيْنبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، أَوْلَمْ عَلَيْها ودَعَا النَّاسَ ، فَلَمَّا طَعِمُوا ، قَعَدَ نَفَرٌ فِي طَائِفَةٍ مِنَ البَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ ، فَثَقُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَانُهُمْ ، فَخَرَجَ لِيَخْرُجُوا بِخُرُوجِهِ ، وَمَرَّ على حِجْرِ نِسَائِهِ ، ثُمَّ عَادَ فَوَجَدَهُمْ فِي مَكَانِهِمْ ، وَزَيْنَبُ فِي البَيْتِ مَعَهُمْ ، فَلَمَّا دَخَلَ وَرَآهُمُ ، انْصَرَفَ ، فَخَرَجُوا عِنْدَ ذَلِكَ ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : فَعَلِمَ أَوْ أَعْلَمْتُهُ بانصرافهم ، فَجَاءَ ، فَلَمَّا وَصَلَ الحُجْرَةَ ، أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ؛ وَدَخَلَ ، وَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ بِسَبَبِ ذَلِكَ .
قال إسماعيل بن أبي حكيم : هذا أَدَّبَ اللّه به الثُّقَلاء ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ وجماعةٌ : سببُ الحِجَابِ : كلامُ عُمَر للنبي صلى الله عليه وسلم مراراً في أن يَحجُبَ نساءَه ، و{ ناظرين } معناه : مُنتَظِرينَ ، و{ أناه } : مصدر «أنى » الشيءَ يَأْنى أنيْ ، إذا فَرَغَ وحَانَ ، ولفظُ البخاري يُقَال : إناه : إدراكُه أنى يأني إناءة ، انتهى .
وقوله تعالى : { والله لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الحق } معناه : لا يقع منه تركُ الحق ، ولما كان ذلك يقعُ من البشر لِعلةِ الاسْتِحياءِ نَفَى عنه تعالى العلةَ الموجِبةَ لذلكَ في البشر ، وعن ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : ( ثَلاَثٌ لاَ يحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ لاَ يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْماً فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ فَإنْ فَعَلَ ، فَقَدْ خَانهُمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أنْ يَسْتَأْذِنَ فَإنْ فَعَلَ ، فَقَدْ خَانَ ، وَلاَ يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ حتى يَتَخَفَّفُ ) رواه أبو داود واللفظ له ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال الترمذي : حديثٌ حسنٌ ، ورواه أبو داود أيضاً من حديث أبي هريرة ، انتهى من «السلاح » .
وقوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ متاعا } هي آية الحجَابِ ، والمتَاعُ عام في جميع ما يمكن أن يُطْلَب من المَواعِينِ وَسائر المرَافِق ، وباقي الآية بيِّنٌ . وقد تقدَّم في سورة النور طَرْفٌ من بَيَانِه فَأَغْنَى عن إعادته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.