تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلَّآ أَن يُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيۡرَ نَٰظِرِينَ إِنَىٰهُ وَلَٰكِنۡ إِذَا دُعِيتُمۡ فَٱدۡخُلُواْ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُواْ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِينَ لِحَدِيثٍۚ إِنَّ ذَٰلِكُمۡ كَانَ يُؤۡذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسۡتَحۡيِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا يَسۡتَحۡيِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمۡ أَن تُؤۡذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَآ أَن تَنكِحُوٓاْ أَزۡوَٰجَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦٓ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَٰلِكُمۡ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمًا} (53)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إنه } يعني نضجه وبلاغه { ولكن إذا دعيتم فادخلوا } على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته { فإذا طعمتم } الطعام { فانتشروا } يعني فقوموا من عنده وتفرقوا { ولا مستأنسين لحديث } وذلك أنهم كانوا يجلسون عند النبي صلى الله عليه وسلم قبل الطعام وبعد الطعام ، وكان ذلك في بيت أم سلمة بنت أبي أمية أم المؤمنين ، فيتحدثون عنده طويلا ، فكان ذلك يؤذيه ويستحيى أن يقول لهم قوموا وربما أحرج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في بيته يتحدثون ، فذلك قوله عز وجل :{ ولا مستأنسين لحديث } { إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق } ثم أمر الله تبارك وتعالى نبيه بالحجاب على نسائه ، فنزل الخيار والتيمم في أمر عائشة .

ونزل الحجاب في أمر زينب بنت جحش ، فأمر الله تعالى المؤمنين ألا يكلموا نساء النبي إلا من وراء حجاب ، فذلك قوله :{ وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم } من الريبة { وقلوبهن } وأطهر لقلوبهن من الريبة ، فقال طلحة بن عبيد الله القرشي من بني تيم بن مرة : ينهانا محمد أن ندخل على بنات عمنا ، يعني عائشة ، رضي الله عنها ، وهما من بني تيم بن مرة ، ثم قال في نفسه : والله لئن مات محمد وأنا حي لأتزوجن عائشة ، فأنزل الله تعالى في قول طلحة بن عبيد الله { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما } آية لأن الله جعل نساء النبي صلى الله عليه وسلم على المؤمنين في الحرمة كأمهاتهم .

فمن ثم عظم الله تزويجهن على المؤمنين ،