مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ جَاعِلِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ مَّثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۚ يَزِيدُ فِي ٱلۡخَلۡقِ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الملائكة مكية وهى خمس وأربعون آية

{ الحمد للَّهِ } حمد ذاته تعليماً وتعظيماً { فَاطِرِ السماوات } مبتدئها ومبتدعها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما كنت أدري معنى الفاطر حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها . أي ابتدأتها { والأرض جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً } إلى عباده { أُوْلِى } ذوي اسم جمع لذو وهو بدل من { رُسُلاً } أو نعت له { أَجْنِحَةٍ } جمع جناح { مثنى وثلاث وَرُبَاعَ } صفات لأجنحة ، وإنما لم تنصرف لتكرر العدل فيها وذلك أنها عدلت عن ألفاظ الأعداد عن صيغ إلى صيغ أخر كما عدل عمر عن عامر وعن تكرير إلى غير تكرير . وقيل : للعدل والوصف والتعويل عليه ، والمعنى أن الملائكة طائفة أجنحتهم اثنان اثنان أي لكل واحد منهم جناحان ، وطائفة أجنحتهم ثلاثة ثلاثة ، ولعل الثالث يكون في وسط الظهر بين الجناحين يمدهما بقوة ، وطائفة أجنحتهم أربعة أربعة { يَزِيدُ فِى الخلق } أي يزيد في خلق الأجنحة وغيره { مَا يَشَآءُ } وقيل : هو الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن والخط الحسن والملاحة في العينين ، والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق من طول قامة واعتدال صورة وتمام في الأعضاء وقوة في البطش وحصافة في العقل وجزالة في الرأي وذلاقة في اللسان ومحبة في قلوب المؤمنين وما أشبه ذلك { إِنَّ الله على كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } قادر .