مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَا لَمۡ نُمَكِّن لَّكُمۡ وَأَرۡسَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡهِم مِّدۡرَارٗا وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَٰرَ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَنشَأۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ قَرۡنًا ءَاخَرِينَ} (6)

{ أَلَمْ يَرَوْاْ } يعني المكذبين { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ } هو مدة انقضاء أهل كل عصر وهو ثمانون سنة أو سبعون { مكناهم } في موضع جر صفة ل «قرن » وجمع على المعنى { فِي الأرض ما لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ } التمكين في البلاد إعطاء المكنة والمعنى : لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عاداً وثمود وغيرهم من البسطة في الأجسام والسعة في الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا { وَأَرْسَلْنَا السماء } المطر { عَلَيْهِم مِّدْرَاراً } كثيراً وهو حال من السماء { وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ } من تحت أشجارهم والمعنى عاشوا في الخصب بين الأنهار والثمار وسقيا الغيث المدرار { فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ } ولم يغن ذلك عنهم شيئاً { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ } بدلاً منهم