محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجۡنَ فَتَيَانِۖ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗاۖ وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي خُبۡزٗا تَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِنۡهُۖ نَبِّئۡنَا بِتَأۡوِيلِهِۦٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (36)

/ [ 36 ] { ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين 36 } .

{ ودخل معه السجن فتيان } روي أنهما غلامان كانا لفرعون مصر ، أحدهما رئيس سقاته والآخر رئيس طعامه ، غضب عليهما فحبسهما ، فكانا مع يوسف ، ثم رآهما يوما وهما مهمومان فسألهما عن شأنهما ، فذكرا له أنهما رأيا رؤيا غمتهما ، وليس لهما من يعبرها . فقال لهما : أليس التأويل لله ؟ قصا علي ! فذلك قوله تعالى : { قال أحدهما } وهو صاحب شرابه : { إني أراني أعصر خمرا } أي عنبا ، تسمية للعنب بما يؤول إليه ، أو الخمر بلغة عمان اسم للعنب ، وذلك أنه قال : رأيت في المنام كأن بين يدي وعاء فيه ثلاثة قضبان عنب ، ثم نضجت عناقيدها وصارت عنبا ، وكانت كأس فرعون في يدي ، فأخذت العنب ، وعصرته في الكأس ، وناولتها لفرعون .

{ وقال الآخر } وهو صاحب طعامه : { إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه } وذلك أنه قال له : رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال حوّارى ، والطير تأكل من السلة العليا فوق رأسي .

{ نبئنا بتأويله } أي أخبرنا بتفسير ما رأينا ، وما يؤول إليه أمر هذه الرؤيا { إنا نراك من المحسنين } أي الذين يحسنون عبارة الرؤيا ، أو من المحسنين إلى أهل السجن ، تداوي مريضهم ، وتعزي حزينهم ، وتوسع على فقيرهم ، فأحسن إلينا بكشف غمتنا ، إن كنت قادرا على ذلك .