قوله : { وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانَ } في الكلام حذف متقدّم عليه ، والتقدير : وبدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين فسجنوه ، ( ودخل معه السجن فتيان ) ، ومع للمصاحبة ، وفتيان تثنية فتى ، وذلك يدّل على أنهما عبدان له ، ويحتمل أن يكون الفتى اسماً للخادم وإن لم يكن مملوكاً ، وقد قيل : إن أحدهما خباز الملك ؛ والآخر ساقيه ، وقد كانا وضعا للملك سما لما ضمن لهما أهل مصر مالاً في مقابلة ذلك ، ثم إن الساقي رجع عن ذلك وقال للملك : لا تأكل الطعام فإنه مسموم ، وقال الخباز : لا تشرب فإن الشراب مسموم ، فقال الملك للساقي : اشرب فشرب فلم يضرّه ، وقال للخباز كل فأبى ، فجرّب الطعام على حيوان فهلك مكانه فحبسهما ، وكان دخولهما السجن مع دخول يوسف ، وقيل : قبله ، وقيل : بعده . قال ابن جرير : إنهما سألا يوسف عن علمه فقال : إني أعبر الرؤيا ، فسألاه عن رؤياهما كما قص الله سبحانه : { قَالَ أَحَدُهُمَا إِنّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا } أي : رأيتني ، والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة . والمعنى : إني أراني أعصر عنباً ، فسماه باسم ما يؤول إليه لكونه المقصود من العصر . وفي قراءة ابن مسعود ( أعصر عنباً ) . قال الأصمعي : أخبرني المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابياً ومعه عنب ، فقال له : ما معك ؟ فقال خمر . وقيل : معنى { أعصر خمراً } أي : عنب خمر ، فهو على حذف المضاف ، وهذا الذي رأى هذه الرؤيا هو الساقي ، وهذه الجملة مستأنفة بتقدير سؤال ، وكذلك الجملة التي بعدها وهي { وَقَالَ الآخر إِنّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا } ثم وصف الخبز هذا بقوله : { تَأْكُلُ الطير مِنْهُ } وهذا الرائي لهذه الرؤيا هو الخباز ، ثم قالا ليوسف جميعاً بعد أن قصا رؤياهما عليه { نَبّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ } أي : بتأويل ما قصصناه عليك من مجموع المرئيين ، أو بتأويل المذكور لك من كلامنا ؛ وقيل : إن كل واحد منهما قال له ذلك عقب قصّ رؤياه عليه ، فيكون الضمير راجعاً إلى ما رآه كل واحد . منهما ؛ وقيل : إن الضمير في " بتأويله " موضوع موضع اسم الإشارة ، والتقدير بتأويل ذلك { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين } أي : من الذين يحسنون عبارة الرؤيا ، وكذا قال الفراء : إن معنى { من المحسنين } من العالمين الذين أحسنوا العلم ، وقال ابن إسحاق : من المحسنين إلينا إن فسرت ذلك ، أو من المحسنين إلى أهل السجن ، فقد روي أنه كان كذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.