الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجۡنَ فَتَيَانِۖ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗاۖ وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي خُبۡزٗا تَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِنۡهُۖ نَبِّئۡنَا بِتَأۡوِيلِهِۦٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (36)

وقوله سبحانه : { وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانِ } [ يوسف : 36 ] .

المعنى : فسجَنُوهُ ، فَدَخَلَ معه السجْنَ ، غلامانِ سُجِنَا أيضاً ، ورُوِيَ أنهما كانا للمَلِكِ الأعظَمِ الوَلِيدِ بْنِ الرَّيَّانِ ؛ أحدهما : خَبَّازه ، واسمه مجلث ، والآخر : ساقيه ، واسمه نبو ، ورُوِيَ أَنَّ المَلِكَ اتهمهما بأن الخَبَّاز منهما أرادَ سَمَّه ، ووافَقَهُ على ذلك السَّاقِي ، فسجنهما ، قاله السديُّ ، فلما دخل يوسُفُ السجْنَ ، استمال الناسَ فيه بحُسْن حديثه وفَضْله ونبله ، وكان يُسَلِّي حزينهم ، ويعودُ مريضَهُمْ ، ويسأل لفقيرِهِمْ ، ويندُبُهُمْ إِلى الخيرِ ، فأَحبه الفَتَيَانِ ، ولزماه ، وأحبه صاحِبُ السجْنِ ، والقَيِّم عليه ، وكان يوسُفُ عليه السلام قد قال لأَهْلِ السجْنِ : إِني أَعْبُرُ الرؤيا ، وأَجيدُ ، فرُوِيَ عن ابن مسعودٍ : أن الفتَيَيْنِ استعملا هاتَيْنِ المنَامَتَيْنِ ليجرِّباه . وروي عن مجاهدٍ : أَنهما رأيا ذلك حقيقةً ، قال أحدهما : { إِني أراني أعصرُ خَمْراً } : قيل فيه : إِنه سَمَّى العِنَبَ خمراً ، بالمآلِ ، وقيل : هي لغةُ أزدِ عُمَان ؛ يسمُّون العِنَبَ خَمْراً ، وفي قراءة أُبيٍّ وابن مسعودٍ : «أَعْصِرُ عِنَباً » .

وقوله : { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين } : قال الجمهور : يريد أن في العِلْم ، وقال الضَّحَّاك وقتادة : المعنى : من المحسنين في جَرْيه مع أهْل السِّجْنِ وإِجماله معهم .