محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالَ رَبِّ ٱلسِّجۡنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِۖ وَإِلَّا تَصۡرِفۡ عَنِّي كَيۡدَهُنَّ أَصۡبُ إِلَيۡهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (33)

ولما سمع يوسف تهديدها : { قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين } .

{ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه } أي من مواتاتها ، لأنه مشقة قليلة ، / تعقبها راحات أبدية . ثم فزع إلى الله تعالى في طلب العصمة بقوله : { وإلا تصرف عني كيدهن } يعني : ما أردن مني { أصب إليهن } أي أمل إلى إجابتهن بمقتضى البشرية { وأكن من الجاهلين } أي بسبب ارتكاب ما يدعونني إليه من القبيح .

قال أبو السعود : هذا فزع منه ، عليه السلام ، إلى ألطاف الله تعالى ، جريا على سنن الأنبياء والصالحين ، في قصر نيل الخيرات ، والنجاة من الشرور ، على جناب الله عز وجل ، وسلب القوى والقدر عن أنفسهم ، ومبالغة في استدعاء لطفه في صرف كيدهن بإظهار أن لا طاقة له بالمدافعة ، كقول المستغيث : أدركني وإلا هلكت . لا أنه يطلب الإجبار والإلجاء إلى العصمة والعفة ، وفي نفسه داعية تدعوه إلى هواهن . انتهى .

قال القاشاني : وذلك الدعاء هو صورة افتقار القلب الواجب عليه أبدا .