بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجۡنَ فَتَيَانِۖ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗاۖ وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي خُبۡزٗا تَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِنۡهُۖ نَبِّئۡنَا بِتَأۡوِيلِهِۦٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (36)

قوله تعالى : { وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانَ } يعني : حبس معه في السجن الخباز ، والساقي . عبدان للملك غضب عليهما . يعني : صاحب شرابه ، وصاحب مطعمه { قَالَ أَحَدُهُمَا } ليوسف { إِنّى أَرَانِى } في المنام { أَعْصِرُ خَمْرًا } يعني : عنباً بلغة عمان . قال الضحاك : إن ناساً من العرب يسمون العنب خمراً . ويقال : معناه أعصر العنب الذي يكون عصيره خمراً ، وذلك أنه قال : رأيت في المنام ، كأني دخلت كرماً فيه حبلة حسنة ، فيها ثلاث من القضبان ، وفي القضبان ثلاثة عناقيد ، عنب قد أينع ، وبلغ ، فأخذته وعصرته في الكأس ، ثم أتيت به الملك فسقيته .

{ وَقَالَ الآخر إِنّى أَرَانِى أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا } يقول : رأيت في المنام ، كأني أحمل فوق رأسي ثلاث سلال خبزاً { تَأْكُلُ الطير مِنْهُ نَبّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ } يقول : أخبرنا بتفسير هذه الرؤيا { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين } أي : من الموحدين . وذلك أنه ينصر المظلوم ، ويعين الضعيف ، وكان يداوي مرضاهم ، ويعزي مكروبهم . فإذا احتاج واحد منهم ، قام وجمع له شيئاً . ويقال : { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين } يعني : من الصادقين في القول . ويقال : كان متعبداً لربه . ويقال : كان أهل السجن يجتمعون عنده ، ويسألونه أشياء ، فيخبرهم . فقالا : { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين } يعني : نراك عالماً ، وقد أحسنت العلم