محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدٗا لِّلَّهِ وَهُمۡ دَٰخِرُونَ} (48)

[ 48 ] { أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيّئوا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون 48 } .

ثم أخبر تعالى عن عظمته وجلاله وكبريائه بانقياد سائر مخلوقاته ، جمادات وحيوانات ومكلفين من الجن والإنس والملائكة له سبحانه ، بقوله : { أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء } أي جسم قائم له ظل { يتفيؤا ظلاله } أي يرجع شيئا فشيئا { عن اليمين والشمائل } أي عن جانبي كل واحد منها ، بكرة وعشيا : { سجدا لله } أي منقادة له على حسب مشيئته في الامتداد والتقلص وغيرهما ، غير ممتنعة عليه فيما سخرها له : { وهم داخرون } أي صاغرون . وغلب في جمعها من يعقل ، فأتي بالواو . أو لأن الدخور من أوصاف العقلاء . فهو إما تغليب أو استعارة : وكذا ضمير ( هم ) أيضا لأنه مخصوص بالعقلاء . فيجوز أن يعتبر ما ذكر فيه ، ويجعل ما بعده جاريا على المشاكلة .

/ لطيفة : لابن الصائغ في سر توحيد اليمين وجمع الشمائل توجيه لطيف . وملخصه أنه نظر إلى الغاية فيهما . لأن ظل الغداة يضمحل بحيث لا يبقى منه إلا اليسير . فكأنه في جهة واحدة . وهو في العشي على العكس ، لاستيلائه على جميع الجهات . فلحظت الغايتان . هذا من جهة المعنى .

وأما من جهة اللفظ فجمع ليطابق { سجدا } المجاور له . كما أفرد الأول لمجاور ضمير { ظلاله } وقدّم الإفراد لأنه أصل أخف . و { عن اليمين } متعلق ب { يتفيؤ } أو حال . كذا في ( العناية ) .