محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

[ 7 ] { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبّروا ما علوا تتبيرا 7 } .

وقوله تعالى : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } بمثابة التعليل لما قبله . أي فعلنا ذلك لتعلموا أنكم إن أحسنتم توبتكم وأعمالكم ، أحسنتم لأنفسكم ، بإبقاء الغلبة لها والإمداد بالأموال والبنين وتكثير النفير { وإن أسأتم فلها } أي فإساءتكم ضارة لها بغلبة الأعداء وسلب الأموال والبنين والنفير : { فإذا جاء وعد الآخرة } أي مؤاخذة المرة الآخرة وعقوبتها . وقوله تعالى : { ليسوؤا وجوهكم } متعلق بجواب ( إذا ) المحذوف . أي بعثناهم ليسوؤا وجوهكم ، أي ذواتكم بالإذلال والقهر .

قال الشهاب : عديت المساءة إلى الوجود ، وإن كانت عليهم ، لأن آثار النفسانية إنما تظهر في الوجه . كنضارة الوجه وإشراقه بالفرح . وكلوحه وسواده بالخوف والحزن . / فالوجه ، بمعنى الذات ، مجاز مرسل ، أو استعارة تبعية . وقيل : الوجوه بمعنى الرؤساء . وهو تكلف . واختير هذا على : ( ليسوؤكم ) مع أنه أخصر وأظهر ، إشارة إلى أنه جمع عليهم ألم النفس والبدن ، المدلول عليه بقوله : { وليتبروا } . انتهى .

وقوله تعالى : { وليدخلوا المسجد } أي الأقصى : { كما دخلوه أول مرة وليتبّروا } أي يدمروا : { ما علوا تتبيرا } أي عظيما فظيعا . والتتبير : التدمير . وكل شيء كسرته وفتتّه فقد تبرته .