محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا} (83)

وقوله تعالى :

/ [ 83 ] { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤوسا 83 } .

{ وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤوسا } إشارة إلى السبب في وقوع هؤلاء الضالين في أدوية الضلال . وهو حب الدنيا وإيثارها على الأخرى ، وكفران نعمه تعالى . بالإعراض عن شكرها ، والجزع واليأس من الفرج عند مس شر قضى عليه . وكل ذلك مما ينافي عقد الإيمان . فإن المؤمن ينظر بعين البصيرة ، ويشاهد قدرة الله تعالى في كلتا الحالتين . ويتيقن في الحالة الأولى ، أن الشكر رباط النعم . وفي الثانية ؛ أن الصبر دفاع النقم . فيشكر ويصبر . ويعلم أن المنعم يقدر ، فلم يعرض عند النعمة بطرا وأشرا . ولم يغفل عن المنعم ولم يجزع عند النقمة جزعا وضجرا .

فالآية وصف للجنس باعتبار بعض أفراده ممن هو على هذه الصفة . كقوله تعالى{[5452]} : { ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير } .

قال الزمخشري : { ونآ بجانبه } تأكيد للإعراض . لأن الإعراض عن الشيء أن يوليه عرض وجهه . والنأي بالجانب : أن يلوي عنه عطفه ويوليه ظهره . أو أراد الاستكبار ، لأن ذلك من عادة المستكبرين .


[5452]:[11 / هود / 9 – 11].