إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا} (83)

{ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان } بالصحة والنعمة { أَعْرَضَ } عن ذكرنا فضلاً عن القيام بموجب الشكر { وَنَأَى } تباعدَ عن طاعتنا { بِجَانِبِهِ } النأيُ بالجانب أن يَلْويَ عن الشيء عِطفَه ويُولِيَه عُرضَ وجهِه ، فهو تأكيدٌ للإعراض أو عبارةٌ عن الاستكبار لأنه من ديدن المستكبرين { وَإِذَا مَسَّهُ الشر } من فقر أو مرض أو نازلةٍ من النوازل ، وفي إسناد المِساسِ إلى الشر بعد إسنادِ الإنعامِ إلى ضمير الجلالةِ إيذانٌ بأن الخيرَ مرادٌ بالذات والشرَّ ليس كذلك { كَانَ يَئُوساً } شديدَ اليأس من رَوْحنا ، وهذا وصفُ للجنس باعتبار بعضِ أفرادِه ممن هو على هذه الصفةِ ، ولا ينافيه قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } ونظائرُه ، فإن ذلك شأنُ بعضٍ آخرين منهم ، وقيل : أريد به الوليدُ بنُ المغيرة وقرئ ( ناء ) إما على القلب كما يقال : راءَ في رأي وإما على أنه بمعنى نهض .