ثم نبّه سبحانه على فتح بعض ما جبل عليه الإنسان من الطبائع المذمومة فقال : { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان } أي : على هذا الجنس بالنعم التي توجب الشكر كالصحة والغنى { أَعْرَضَ } عن الشكر لله والذكر له { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } النأي : البعد ، والباء للتعدية أو للمصاحبة ، وهو تأكيد للإعراض ، لأن الإعراض عن الشيء هو أن يوليه عرض وجهه أي : ناحيته ، والنأي بالجانب : أن يلوي عنه عطفه ويوليه ظهره ، ولا يبعد أن يراد بالإعراض هنا : الإعراض عن الدعاء والابتهال الذي كان يفعله عند نزول البلوى والمحنة به ، ويراد بالنأي بجانبه : التكبر والبعد بنفسه عن القيام بحقوق النعم . وقرأ ابن عامر في رواية ابن ذكوان وأبو جعفر ( ناء ) مثل باع بتأخير الهمزة على القلب ، وقرأ حمزة ( ناءي ) بإمالة الفتحتين ووافقه الكسائي ، وأمال شعبة والسوسي الهمزة فقط . وقرأ الباقون بالفتح فيهما { وَإِذَا مَسَّهُ الشر } من مرض أو فقر { كَانَ يَؤوساً } شديد اليأس من رحمة الله ، والمعنى : أنه إن فاز بالمطلوب الدنيوي وظفر بالمقصود نسي المعبود ، وإن فاته شيء من ذلك استولى عليه الأسف ، وغلب عليه القنوط ، وكلتا الخصلتين قبيحة مذمومة ولا ينافي ما في هذه الآية قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } [ فصلت : 51 ] . ونظائره ، فإن ذلك شأن بعض آخر منهم غير البعض المذكور في هذه الآية ، ولا يبعد أن يقال : لا منافاة بين الآيتين ، فقد يكون مع شدة يأسه وكثرة قنوطه كثير الدعاء بلسانه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.