تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا} (83)

الآية83 : وقوله تعالى : { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه } يشبه أن تكون النعمة التي ذكر ، هو محمد لما ذكرنا أنهم كانوا في حيرة وعمى ، لا يجدون السبيل إلى دين الله ، { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا }( فاطر : 32 ) فذلك ( هو ){[11170]} الإعراض الذي ذكروا ، والله أعلم . فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ليدعوهم إلى دين الله ، ويبين سبيله ، فذلك منه نعمة عظيمة ؛ وأعرضوا عنه ، وتباعدوا عنه .

ويشبه أن يكون ما قاله أهل التأويل : إنه إذا وسع الرزق والعيش أعرض عن الدعاء له ، وتباعد بجانبه .

وقوله تعالى : { وإذا مسه الشر كان يئوسا } أي يائسا من الخير ألا يعود إليه أصلا . وهكذا كانت عادتهم أنهم كانوا يخلصون الدعاء له ، إذا مسهم سوء وأصابتهم شدة ، ويكفرون به إذا انجلى ذلك لهم ، وانكشف ، كقوله : { فإذا ركبوا في الفلك }الآية ( العنكبوت : 25 ) ( وقوله ){[11171]} : { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه }وأمثاله .

وكان الناس كلهم فرقا أربعة : منهم من كان مذهبهم ما ذكرنا أنهم كانوا يخلصون له الدعاء في حال الشدة ، ويكفرون في حال الرخاء . ومنهم من كان يؤمن في حال الرخاء والنعمة ، ويكفر في حال الشدة كقوله : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } الآية ( الحج : 11 ) وهم أهل النفاق . ومنهم من يكفر في الأحوال كلها كقوله {[11172]} :

والفرقة الأربعة هم أهل الإسلام ، يؤمنون به في حال الرخاء وفي حال الشدة في الأحوال كلها .

على هذا كانوا في الأصل ، وعلى هذا يجيء أن يكون قوله : { وإذا مسه الشر كان يئوسا } من الأصنام كقوله : { ضل من تدعون إياه } ( الإسراء : 67 ) فيكون إيَاسُهُم من الأصنام التي عبدوها .

لكن أهل التأويل صرفوا إلى ما ذكرنا من الإياس من الخير من ألا{[11173]} ( يعود إليهم ) .


[11170]:ساقطة من الأصل و.م.
[11171]:ساقطة من الأصل و.م.
[11172]:أدرج بعدها في الأصل و.م: بياض في الأصل، ولعل المقصود قوله تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا}.
[11173]:في الأصل و.م : أن.