محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

21 – سورة الأنبياء :

سميت بذلك لاشتمالها على فضائل جليلة ، لجماعة منهم عليهم السلام . وهي مكية . واستثنى منها بعضهم آية : { أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } وهي مائة واثنتا عشرة آية . وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : ( بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء ، هن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ) .

قال ابن الأثير : أي من أول ما أخذته وتعلمته بمكة . والتالد : المال القديم الذي ولد عندك ، وهو نقيض الطارف .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ } .

{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } أي دنا لأهل مكة ما وعدوا به في الكتاب من الحساب الأخروي وهو عذابهم { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } أي عما يراد بهم { مَّعْرِضُونَ } أي مكذبون به . وإنما كان مقتربا لأن كل آت وإن طالت أوقات استقباله وترقبه ، قريب . وقد قال تعالى : { إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا } وقال تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ، وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون } ولا يخفى ما في عموم ( الناس ) من الترهيب البليغ . وإن حق الناس أن ينتبهوا لدنو الساعة ، ليتلافوا تفريطهم بالتوبة والندم . كما أن في تسمية يوم القيامة ، بيوم الحساب زيادة إيقاظ ، لأن الحساب هو الكاشف عن حال المرء ، ففي العنوان ما يرهب منه ، ولو قيل بأن الحساب أعم من الدنيوي والأخروي لم يبعد ، ويكون فيه إشارة إلى قرب محاسبة مشركي مكة بالانتصاف منهم والانتصار عليهم ، كما أشير إليه في آية : { فعسى الله أن يأتي بالفتح } ووعد به النبي وصحبه في آيات كثيرة . إلا أن شهرة الحساب فيما بعد البعث الأخروي ، حمل المفسرين على قصر الآية عليه . والله أعلم .