محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (38)

( هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء38 ) .

( هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ) كلام مستأنف ، وقصة مستقلة ، سيقت في تضاعيف حكاية مريم ، لما بينهما من قوة الارتباط ، وشدة الاشتباك ، مع ما في إيرادها من تقرير ما سيقت له حكايتها من بيان اصطفاء آل عمران . فإن فضائل بعض الأقرباء أدلة على فضائل الآخرين . و " هنا " ظرف مكان ، أي في ذلك المكان ، حيث هو عند مريم في المحراب ، أو ظرف زمان أي في ذلك الوقت ، إذ يستعار ( هنا وثمت وحيث ) للزمان ، دعا زكريا ربه لما رأى كرامة مريم على الله ومنزلتها منه تعالى رغب في أن يكون له من زوجته ولد مثل ولد أختها في النجابة والكرامة على الله تعالى . وإن كانت عاقرا عجوزا –كذا في ( أبي السعود ) - والذرية هنا الولد ، قال الزمخشري : تقع على الواحد والجمع ، وقد سبق الكلام عليها قريبا عند قوله تعالى : ( ذرية بعضها من بعض ) وقوله ( طيبة ) بمعنى مطيعة لك ، لأن ذلك طلبة أهل الخصوص كما سبق إيضاحه في آية ( رب إني نذرت لك . . . ) الخ . وقوله تعالى : ( إنك سميع الدعاء ) أي مجيبه ،