فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (38)

حين رأى زكريا عليه السلام من شأن مريم ما رأى من الإكرام والإنعام الذي أسبغه عليها المولى ذو الجلال والإكرام ، دعا ربه متضرعا يا رب أعطني من عندك أولادا صالحين أو غلاما رضيا كما جاء في سورة أخرى { . . . فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا } {[943]} إنك يا مولانا تجيب دعوة الداعي إذا دعاك ، وفي هذا رد على بعض جهال المتصوفة حيث قال : الذي يطلب الولد أحمق وما عرف أنه هو الغبي الأخرق{[944]} ؛ كيف لا وقد جاء في محكم القرآن أن الرسل صلوات ربنا عليهم قد آتاهم مولانا الأولاد ورزقهم الأزواج { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية . . }{[945]} ، وأخبر سبحانه أن دعاء خليله إبراهيم عليه السلام بقوله الحق { واجعل لي لسان صدق في الآخرين }{[946]} ، وعد الذرية والأزواج من آياته وآلائه : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة . . . }{[947]} ومن ثنائه على عباد الرحمن قال تبارك وتعالى { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين }{[948]} ، وقد ترجم البخاري على هذا : باب طلب الولد وترجم أيضا باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة . وساق حديث أنس بن مالك : قالت أم سليم : يا رسول الله خادمك أنس ادع الله له ، فقال ( اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته ) وفي الصحيحين ( اللهم اغفر لأبي وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين ) .


[943]:من سورة مريم من الآية 5 والآية 6.
[944]:من الجامع لأحكام القرآن.
[945]:من سورة الرعد من الآية 38.
[946]:من سورة الشعراء الآية 84.
[947]:من سورة النحل من الآية 72.
[948]:من سورة الفرقان من الآية 74.