فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (38)

قوله : { هُنَالِكَ } ظرف يستعمل للزمان والمكان ، وأصله للمكان ، وقيل : إنه للزمان خاصة ، وهناك للمكان ، وقيل : يجوز استعمال كل واحد منهما مكان الآخر ، واللام للدلالة على البعد ، والكاف للخطاب . والمعنى : أنه دعا في ذلك المكان الذي هو قائم فيه عند مريم ، أو في ذلك الزمان أن يهب الله له ذرية طيبة ، والذي بعثه على ذلك ما رآه من ولادة حنة لمريم ، وقد كانت عاقراً ، فحصل له رجاء الولد ، وإن كان كبيراً ، وامرأته عاقراً ، أو بعثه على ذلك ما رآه من فاكهة الشتاء في الصيف ، والصيف في الشتاء عند مريم ؛ لأن من أوجد ذلك في غير وقته يقدر على إيجاد الولد من العاقر ، وعلى هذا يكون هذا الكلام قصة مستأنفة سيقت في غضون قصة مريم لما بينهما من الارتباط . والذرية والنسل يكون للواحد ، ويكون للجمع ، ويدل على أنها هنا للواحد . قوله : { فَهَبْ لِي مِن لدُنكَ وَلِيّاً } [ مريم : 5 ] ولم يقل أولياء ، وتأنيث طيبة لكون لفظ الذرية مؤنثاً .

/خ44