نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (38)

ولما كان كأنه قيل : فما قال زكريا حينئذ ؟ قيل : { هنالك } أي في ذلك الوقت وذلك المكان العظيمي المقدار { دعا زكريا ربه } تذكراً لما عودهم الله سبحانه وتعالى {[16554]}به من الإكرام ، فظهرت عليه كرامات هذه الكفالة ، قال الحرالي : لما أشهده الله سبحانه وتعالى أنه يخرق{[16555]} عادته لمن شاء بكلمته في حق كفيلته في الظاهر ، الكافلة{[16556]} له في هذا المعنى ، دعا ربه الذي عوده بالإحسان أن{[16557]} يرزقه ولداً في غير إبانه{[16558]} كما رزق مريم رزقاً في غير زمانه فوجب دعاؤه - انتهى . { قال رب } أي{[16559]} الذي عودني{[16560]} بإحسانه { هب لي من لدنك } قال الحرالي : طلب عليه من باطن الأمر كما قال سبحانه وتعالى : وعلمناه{[16561]} من لدنا علما{[16562]} ً{[16563]} }[ الكهف : 65 ] ، و{[16564]}كما قال فيه{[16565]} { وحناناً من لدنا{[16566]} }[ مريم : 13 ] ، لأن كل ما كان من لدن فهو أبطن من عند { ذرية } فيه إشعار بكثرة ونسل باق ، فأجيب بولد فرد لما كان زمان انتهاء في ظهور كلمة الروح وبأنه لا ينسل فكان يحيى حصوراً لغلبة الروحانية على إنسانيته - انتهى . { طيبة } أي مطيعة لك لأن ذلك طلبة أهل الخصوص ، ثم علل إدلاله على المقام الأعظم بالسؤال بقوله{[16567]} : { إنك سميع الدعاء } أي مريده ومجيبه{[16568]} لأن من شأن من يسمع - ولم يمنع - أن يجيب إذا كان قادراً كاملاً ، وقد ثبتت{[16569]} القدرة بالربوبية الكاملة التي لا تحصل{[16570]} إلا من الحي القيوم ، بخلاف الأصنام ونحوها مما عبد فإنها لا تسمع ، ولو سمعت لم تقدر على الإجابة إلى ما تسأل{[16571]} فيه لأنها مربوبة{[16572]} . قال الحرالي : أعلم الداعي بما لله سبحانه وتعالى من الإجابة ، والقرب " {[16573]}وسيلة في قبول{[16574]} " دعائه - انتهى .


[16554]:لعبارة من هنا إلى "سبحانه وتعالى" تكررت في الأصل.
[16555]:ن ظ ومد، وفي الأصل: آية تخرق.
[16556]:ن ظ ومد، وفي الأصل: آية تخرق.
[16557]:ن مد، وفي الأصل و ظ: الكفالة.
[16558]:يد من مد، وفي ظ موضعه: الذي.
[16559]:ن مد، وفي الأصل: إبانة، وفي ظ: إنانة.
[16560]:ن ظ، وفي الأصل: أيها، وسقط من مد. في ظ: وعدني.
[16561]:ن ظ ومد، وفي الأصل: علمنا.
[16562]:سورة 18 آية 65.
[16563]:ا بين الحاجزين زيد من ظ ومد، غير أن "علما" ليس في مد.
[16564]:من ظ ومد، وفي الأصل: هو.
[16565]:سقط من ظ.
[16566]:ورة 19 آية 13.
[16567]:سقط من ظ.
[16568]:يد من ظ ومد.
[16569]:ي ظ: لبست.
[16570]:ن ظ، وفي الأصل: لا يصلح، وفي مد: لا تصلح.
[16571]:ن ظ، وفي الأصل: يشك، وفي مد: يسيل.
[16572]:ي مد: مربوبه.
[16573]:ي ظ: ونسأله في قرب.
[16574]:ي ظ: ونسأله في قرب.