محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

وقوله تعالى :

{ كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } كلام مستأنف ، وارد لتحقيق أن مضمون السورة موافق لما في تضاعيف سائر الكتب المنزلة على الرسل المتقدمة في الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق . أو أن إيحائها مثل إيحائها ، بعد تنويهها بذكر اسمها والتنبيه على فخامة شأنها . والكاف في حيز النصب على أنه مفعول ل { يوحي } على الأول _ وعلى أنه نعت لمصدر مؤكد له ، على الثاني . و { ذلك } على الأول إشارة إلى ما فيها . وعلى الثاني إلى إيحائها . وما فيه من معنى البعد ، للإيذان بعلوّ رتبة المشار إليه وبعد منزلته في الفضل . أي مثل ما في هذه السورة من المعاني ، أوحي إليك في سائر السور ، وإلى من قبلك من الرسل في كتبهم . على أن مناط المماثلة ما أشير إليه من الدعوة إلى التوحيد والإرشاد / إلى الحق وما فيه صلاح العباد في المعاش والمعاد . أو مثل إيحائها ، أوحي إليك عند إيحاء سائر السور . وإلى سائر الرسل عند إيحاء كتبهم إليهم . لا إيحاء مغايرا له . كما في قوله تعالى {[6435]} { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } الآية . على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك . وصيغة المضارع على حكاية الحال الماضية . للإيذان باستمرار الوحي ، وأن إيحاء مثله عادته . وفي جعل مضمون السورة أو إيحائها مشبها به ، من تفخيمها ما لا يخفى . وكذا في وصفه تعالى بوصفي العزة والحكمة . وتأخير الفاعل لمراعاة الفواصل ، مع ما فيه من التشويق . وقرئ { يوحي } على البناء للمفعول ، على أن { كذلك } مبتدأ { ويوحي } خبره المسند إلى ضميره . أو مصدر و { يوحي } مسند إلى { إليك } . و { الله } مرتفع بما دل عليه { يوحي } كأنه قيل : من يوحي ؟ فقيل الله . { العزيز الحكيم } صفتان له ، أو مبتدأ ، كما في قراءة { نوحي } . والعزيز وما بعده خبران له . أو العزيز الحكيم صفتان له .


[6435]:[4 / النساء / 163].