فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

{ كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ الله العزيز الحكيم } هذا كلام مستأنف غير متعلق بما قبله ، أي مثل ذلك الإيحاء الذي أوحي إلى سائر الأنبياء من كتب الله المنزلة عليهم المشتملة على الدعوة إلى التوحيد ، والبعث يوحى إليك يا محمد في هذه السورة . وقيل : إن { حم عسق } أوحيت إلى من قبله من الأنبياء ، فتكون الإشارة بقوله : { كذلك } إليها . قرأ الجمهور { يوحي } بكسر الحاء مبنياً للفاعل ، وهو الله . وقرأ مجاهد ، وابن كثير ، وابن محيصن بفتحها مبنياً للمفعول ، والقائم مقام الفاعل ضمير مستتر يعود على كذلك ، والتقدير : مثل ذلك الإيحاء يوحى هو إليك ، أو القائم مقام الفاعل إليك ، أو الجملة المذكورة أي يوحي إليك هذا اللفظ ، أو القرآن ، أو مصدر يوحي ، وارتفاع الاسم الشريف على أنه فاعل لفعل محذوف كأنه قيل : من يوحي ؟ فقيل : الله العزيز الحكيم . وأما قراءة الجمهور فهي واضحة اللفظ والمعنى ، وقد تقدّم مثل هذا في قوله : { يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ } [ النور : 36-37 ] ، وقرأ أبو حيوة والأعمش ، وأبان " نوحي " بالنون ، فيكون قوله : { الله العزيز الحكيم } في محلّ نصب ، والمعنى نوحي إليك هذا اللفظ .

/خ12