الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

{ مِن قَبْلِكَ الله } يعني أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله في غيرها من السور ، وأوحاه من قبلك إلى رسله ، على معنى : أن الله تعالى كرر هذه المعاني في القرآن في جميع الكتب السماوية ، لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم لعباده من الأوّلين والآخرين ، ولم يقل : أوحي إليك ؛ ولكن على لفظ المضارع ، ليدل على أن إيحاء مثله عادته . وقرىء «يوحى إليك » على البناء للمفعول .

فإن قلت : فما رافع اسم الله على هذه القراءة ؟ قلت : ما دلّ عليه يوحي ، كأن قائلاً قال : من الموحى ؟ فقيل : الله ، كقراءة السلمى : { وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم } [ الأنعام : 137 ] على البناء للمفعول ورفع شركاؤهم ، على معنى : زينه لهم شركاؤهم .

فإن قلت : فما رافعه فيمن قرأ نوحى بالنون ؟ قلت : يرتفع بالابتداء .