محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (51)

ثم لما أخبر تعالى : أن أولئك المشركين كالصم البكم العمي ، بل الموتى ، إذ لم يتعظوا بتصريف الآيات الباهرة ، أمر بتوجيه الإنذار إلى من يتأثر بما يوحى إليه ، اطراحا لأولئك الفجار ، فقال تعالى :

{ وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ( 51 ) } .

{ وأنذر به } أي : بما يوحى ، المتقدم ذكره { الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه } يعني : من دون الله تعالى ، { ولي } أي : ناصر ينصرهم { ولا شفيع } يشفع لهم وينجيهم من العذاب ، غيره تعالى : { لعلهم يتقون } أي :الاعتقادات الفاسدة ، والأعمال الطالحة ، والأخلاق الرديئة .

قال في ( العناية ) : خص بالذكر هؤلاء ، لأنهم الذين ينفعهم الإنذار ، ويقودهم إلى التقوى . وليس المراد الحصر حتى يرد أن إنذاره لغيرهم لازم أيضا . انتهى .

وجملة { ليس لهم } في موضع الحال من { يحشروا } ، فإن المخوف هو الحشر على هذه الحال . والمراد ب ، ( الولي ) و ( الشفيع ) الآلهة التي كان المشركون يزعمون أنها شفعاؤهم ، وحينئذ فلا دلالة في الآية على نفي الشفاعة للمسلمين ، لأن شفاعة الرسل يومئذ إنما تكون بإذنه تعالى ، فكأنها منه تعالى .